اسلام فرنسا في مواجهة خطاب التطرّف

اسلام فرنسا في مواجهة خطاب التطرّف
مصطفى الطوسة

عقد هذا الأسبوع وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف في مقر وزارته جلسة عمل طويلة مع مختلف الفعاليات الفرنسية المسلمة بهدف ايجاد حلول تنظيمية لإسلام فرنسا. شاركت في هذه الاجتماعات قيادة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية برئاسة إنّو ار كبيبش والشخصيات التي انضمت الى مؤسسة فرنسا الاسلام مثل الكاتب الفرنسي من أصل مغربي الطاهر بن جلون.  كانت مناسبة لتنصيب اعلامي لوزير الداخلية الأسبق جابير شيفنمان على رأس مؤسسة فرنسا للإسلام التي سيكون على عاتقها مسؤولية خلق الظروف الموضوعية للتوصل الي ما يسمى بإسلام فرنسا. هذا اول اجتماع على هذا المستوى بعد الاعتداءات الاٍرهابية التي ضربت فرنسا وبعد الجدل الصيفي الساخن حول اشكالية لباس البحر البوركيني الذي تسبب في زوبعة سياسية وإعلامية لم يسبق لها مثيل.   

مفهوم اسلام فرنسا هو مفهوم أخرج للوجود للإشارة الى ممارسة الديانة الإسلامية من طرف مسلمي فرنسا تكون ملائمة ومتناغمة مع قيم الجمهورية وتعاليم النظام العلماني الفرنسي. هي محاولة ادخال الممارسة الدينية في الحياة الخاصة ومحاولة تغييبها من الفضاء العام لكيلا يكون لها تأثير على عملي؛ تدبير الشأن العام. الحديث عن تشجيع هذا النوع من الاسلام يهدف أساسا الى قطع اي صلة بطبيعة الإسلام الذي يمارس في بعض البقاع العربية او الآسيوية ويتناقض في تشدده مع مبدأ العيش المشترك. ولتحقيق هذه الأهداف. تحاول فرنسا ابعاد مسلميها عن اي تأثير يأتيها من الخارج عبر خطوتين أساسيتين. الأولى هي محاولة إيجاد تمويل فرنسي او أوربي لعملية بناء المساجد التي عادة ما كانت تمولها بلدان مغاربية او خليجية والخطوة الثانية هي محاولة ضمان تكوين فرنسي للأئمة اللذين سيتولون إدارة مساجد فرنسا. اعتقادا من القيادة الفرنسية ان الأئمة إذا تمت عملية تكوينيهم في مؤسسات فرنسية فان ذلك سيحصنهم ضد خطاب التطرّف والعنف الذي تصدره بعض الجماعات الاٍرهابية وبعض التيارات السلفية الجهادية.


الهدف من كل هذه التغييرات في المشهد الاسلامي الفرنسي هو محاولة قيام سياج سميك بين مسلمي فرنسي والعقيدة المتطرفة التي تنشر العنف وتلهم الاٍرهاب. هل هذه الخطوات السياسية والتنظيمية التي تقوم بها فرنسا كافية للوصول الى هذه الأهداف ...سوْال يطرح بحدة خصوصا وان الخطاب المتشدد الاٍرهابي لا يمر حتما عن طريق المساجد او الجمعيات الدينية بل يستغل الثورة الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي التي يعيشها العالم لكي ينفث سمومه في عقول الشباب. هده الخطوات التي تقوم بها فرنسا على هدا الصعيد من شأنها ام تقلص من حجم الموارد البشرية المهمشة التي يمكن ان تمنح آذانا صاغية لهده المجموعات الاٍرهابية وتتجاوب مع اجندتها السياسية ...لما تحمله هذه الخطوات من تشديد الرقابة على نوعية الخطاب الديني الذي تنتجه هذه المؤسسات الفرنسية المسلمة
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.