إيمانويل ماكرون ...اللغز و الطموح

إيمانويل ماكرون ...اللغز و الطموح
مصطفى الطوسة

من موظف في بنك روتشيلد الشهير مرورا بمستشار للرئيس هولاند إلى وزير للاقتصاد في حكومة مانويل فالس إلى زعيم في حركة "المضي قدما" او "الحركة الى الامام"  و ربما غدا إلى مرشح للانتخابات الرئاسية  ...يبدو ان امانويل ماكرون قد فرض نفسه على المشهد السياسي الفرنسي بسرعة فاجأت الجميع بوثيرتها وبالطموحات التي تجسدها ...ماكرون الوزير الشاب سياسيا  والنجم اللامع إعلاميا منح اسمه لأكبر مشروع إصلاح للاقتصاد الفرنسي في عهد الرئيس هولاند...قانون ماكرون لتحرير طاقات المقاولات الفرنسية التي تئن تحت ضغط العراقيل المؤسساتية و إعطائها هامشا جديدا لخلق فرص العمل التي يحتاجها الفرنسيون في هذه الأوقات العصيبة. 

عندما أطلق امانويل ماكرون حركته السياسية طرحت عدة تساؤلات حول الأهداف الخفية لهذه الخرجة. قيل وقتها أن الرجل الذي يؤكد ان حركته لا تنتمي لا لليسار ولا لليمين و انه في مهمة لاستقطاب المقاطعين للفعل السياسي و الانتخابي ر أصحاب الفكر الوسطي لإقناعهم لانخراط  في مشروع الرئيس هولاند. فهمت محاولته و كأنه مكلف بمهمة لمغازلة شريحة من الغاضبين من سياسية هولاند و الساخطين على خياراته . لم يكن أحد يتوقع ان تخدم هذه المبادرة أجندته السياسية الآنية و لا ان يسخرها للنزول شخصيا الى حلبة المنافسة الانتخابية. الوزير ماكرون ينفي حتى الساعة ان تكون له أهداف أخرى غير خدمة مصلحة الرئيس هولاند الذي يعترف انه مدين له بكل الإنجازات السياسية التي حققها في مساره.

و كانت أولى المؤشرات التي أثارت الانتباه أجواء التوتر التي سادت في صفوف الحكومة بين رئيسها مانويل فالس و إيمانويل ماكرون. و مع معارضته علنا مفهوم" الا يمين و الا يسار" الذي ينضوي تحت لوائه ماكرون اعتبر المراقبون أن الرجلين على حافة القطيعة. المنافسة الباردة التي تجمعهما تؤشر إلي إمكانية حصول مواجهة ساخنة قد تنطلق في أي وقت بينهما علما أنهما يهدفان الى استقطاب نفس الشريحة السياسية في المجتمع الفرنسي التي أصبح البعض يطلق عليها مجازا حركة الليبرالية الاجتماعية التي تركز على الوسط متجاهلة ما يسمي ببقايا اليسار.

و المؤشر الثاني جاء على لسان فرنسوا هولاند الذي تحدث عن إيمانويل ماكرون بطريقة أوحت انه ممتعض من تصرفاته و بلهجة تتضمن نوعا من العتاب و التحذير. وقد كرست كل هذه التصريحات جوا من التعايش السياسي بين شخصيات قوية تستعد لخوض غمار الحقبة المقبلة المليئة بالعناوين المجهولة و على رأسها الظروف التي ستحيط بترشح أو عدم ترشح فوانسوا هولاند لولاية ثانية ...، وجاءت التصريحات الأخيرة لامانويل ماكرون التي طالب فيها بضرورة تقييم حصيلة ولاية فرنسوا هولاند و الاعتراف بالأخطاء و الهفوات و النواقص  لتصب الزيت على جمر ملتهب و تطرح علامات استفهام كبيرة حول الأهداف التي يركض ورائها ماكرون.
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.