أسبوع اجتماعي حاسم ينتظر فرنسوا هولاند

أسبوع اجتماعي حاسم ينتظر فرنسوا هولاند
مصطفى الطوسة

يجمع المراقبون السياسيون على اعتبار هذا الأسبوع من أخطر الأيام التي تعيشها حكامة اليسار بقيادة الثاني فرانسوا هولاند و مانويل فالس بحيث تباشر الحكومة الفرنسية مفاوضاتها مع المركزيات النقابية حول قانون العمل الجديد الذي يحمل اسم وزيرة العمل مريم الخمري . و قد كان هذا القانون  فور الكشف عن مضامينه مصدر زوبعة سياسية عنيفة ضربت بالمشهد السياسي الفرنسي حيث ارتفعت أصوات من اليسار تندد بالتراجعات العميقة عن المكتسبات الاجتماعية التي يقرها فيما هددت مختلف النقابات الفرنسية بالقيام بتظاهرات و احتجاجات للتنديد به و لإرغام الحكومة عن التخلي عنه. و ما زاد الطينة بلة و الأمور تعقيدا أن الحكومة التي كانت من المقترض ان تناقش هذا القانون امام مجلس الوزراء الأسبوع الماضي أعلنت تأجيل هذه الخطوة...ما أعطى الانطباع انها تلقت رسالة المحتجين و الغاضبين وأنها كأنه كما وعد ذلك الأحد رئيس الحكومة مانويل فالس سيتم تعديل المشروع في محاولة لنزع فتيل التوتر الاجتماعي و انتزاع موافقة اليسار الغاضب .

هذا اليسار الذي تتزعمه إعلاميا و سياسيا مارتين أوبري يأخذ على حكومة مانويل فالس انها قدمت عبر هذا القانون هدايا ثمينة لأرباب العمل  في خطوة لم يستطع حتى اليمين بزعامة نيكولا ساركوزي ان يحلم بها في حين تصب بعض اقتراحاتها حسب المنتقدين  في خانة  تقليص حقوق العمال و التراجع عن المكتسبات الاجتماعية التي هي في الأساس ثمرة نضالات تاريخية لليسار في فرنسا . و يدافع مانويل فالس عن هذا  المشروع بالقول ان يهدف الى إطلاق عجلة النمو داخل المقاولات و منحها الوسائل الضرورية لخلق فرض جديد لتشغيل الشباب و ان هذه الخطوات تدخل في إطار عملية عصرنة  قانون العمل الفرنسي لكي يصبح متناغما مع متطلبات السوق الوطنية و العالمية . هذه الخيارات أثارت حفيظة بعض الأوساط اليسارية وصفق له اليمين عبر رموزه السياسية ومنابره الإعلامية.

وفي العملية التفاوضية التي يباشرها مانويل فالس مع الفرقاء الاجتماعيين ينتظر المراقبون حجم التنازلات التي قد يقدمها لهم في إطار سياسية تهدئة الأجواء و منع الشارع السياسي و الاجتماعي الفرنسي من الالتهاب .ويمر مانويل فالس رئيس الحكومة بفترة عصيبة إذ في حال  فشل في مهمته وأرغم على سحب هذا  المشروع فانه سيبعث برسالة سلبية للرأي العام الفرنسي المتعاطف معه انه غير قادر على إنجاح  اي مسلسل إصلاحي في فرنسا و انه رضخ لأصوات الغاضبين و المتذمرين من سياساته وقد يكون لدلك ثمن سياسي قوي يدفعه قبل موعد الانتخابات الرئاسية  . و إذا أبقى على منطق الصراع و المواجهة فان ذلك سيدخل فرنسا في زوبعة لا أحد يمكن ان يتوقع تداعياتها .

الرئيس فرانسوا هولاند المعروف تقليديا بقدرته على جمع المتناقضات ينظر الى هذا التوتر من وجهة نظر هل سيساهم هذا المشروع في تلميع صورته كرئيس يساري  إصلاحي استطاع ان يحرك بفضل عزيمته مياه المجتمع الفرنسي الراكضة ؟ ام يشكل هذا القانون مؤشر طلاق نهائي بينه وبين الطبقة العاملة ماقد يقضي على حظوظ اليسار في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ؟
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.