لوران فابيوس... من الخارجية إلى المجلس الدستوري

لوران فابيوس... من الخارجية إلى المجلس الدستوري
مصطفى الطوسة

في إطار أجواء التعديل الحكومي الذي تعيشه فرنسا يغادر لوران فابيوس منصبه في وزارة الخارجية ليتبوأ منصب رئيس المجلس الدستوري و هو هيئة أساسية  في منظومة المؤسسات الجمهورية التي تقع على عاتقها مسئولية مراقبة سير العمل السياسي و القانوني في فرنسا...و بعض النظر عن الشخصية التي تميز بها لوران فابيوس في الخارجية هناك حديث عن حصيلة الرجل في هذ المنصب الدبلوماسي الذي عين فيه منذ بداية ولاية فرانسوا هولاند ... حصيلة تطال بشكل مباشر مواقف فرنسا اتجاه عدة أزمات إقليمية ملتهبة لعبت فيها شخصية و مزاج لوران فابيوس دورا هاما في تأطيرها و بلورتها.

لوران فابيوس شخصية معروفة لدى الفرنسيين وتتمتع بشعبية كبيرة لسبب بسيط وهو تواجده في الحياة السياسية الفرنسية و لعبه الأدوار الأولي فيها منذ ثمانينيات القرن الماضي عندما وصل اليسار الى الحكم بزعامة فرانسوا ميتران لأول مرة. و كان يقال آنذاك ان فرنسوا متران منح فرنسا اصغر رئيس حكومة عندما عين لوران فابيوس في هذا المنصب ...و منذ ذلك الحين و فابيوس شخصية سياسية اشتراكية حاضرة بقوة في المشهد السياسي الفرنسي..

لوران فابيوس أنهى مهمته في الخارجية الفرنسية متوجا بنجاح دبلوماسي كبير عبر الاختراق الذي حققته الدبلوماسية الفرنسية من خلال التوصل الى اتفاق تاريخي و عالمي في مؤتمر البيئة الذي احتضنته باريس نهاية العام الماضي. ظهر فابيوس الذي ترأس باسم فرنسا المؤتمر في الصورة و هو يرفع يديه كعلامة نصر رأى فيها وقتها المراقبون مؤشر وداع و نهاية حقبة إذ تزامنت نهاية هذا المؤتمر مع الإشاعات الإعلامية عن قرب مغادرته الخارجية .

و بالرغم من ان السياسة الخارجية الفرنسية هي من صلاحيات رئيس الجمهورية تميزت إدارة  لوران فابيوس للازمات الملتهبة بمقاربة خاصة. فقد لعب على سبيل المثال  وزير الخارجية الفرنسي دورا حاسما في فرض شروط قوية على الجانب الإيراني عندما كانت طهران تفاوض للتوصل الى اتفاق في ملفها النووي يسمح لها بتطبيع علاقاتها من المجموعة الدولية ويرفع عن اقتصادها نظام العقوبات الدولية . في الوقت الذي كانت فيه إدارة براك اوباما تريد تحت ضغط أجندة  التوصل في أقرب وقت إلى  أتفاق مع إيران وقفت فرنسا في شخص فابيوس مدعومة من طرف إسرائيل و الدول العربية ضد هذا الاتفاق في نسخته الأولى وأرغمت النظام الإيراني على تقديم المزيد من التنازلات ...إستراتيجية الصقور هته حاول فابيوس نسخها في الملف السوري لكن بنجاح نسبي عندما تمسك بطريق صلبة برحيل بشار الأسد عن الحكم قبل أن ترغم الدبلوماسية الفرنسية أن تغيير مقاربتها و تبلع شوكة هدا التغيير عبر القبول بمبدأ التفاوض مع نظام بشار الأسد .

وقد أنهى لوران فابيوس مهمته في الخارجية الفرنسية تحت تأثير ظلال إعلامية  قاتمة شكلتها المِحنة القضائية التي  يمر بها ابنه طوما فابيوس المتهم بإعطاء شيكات بدون رصيد في كازينوهات أمريكية و مغربية .
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.