هل تلتحق كريستيان طوبيرا بمعارضي فرانسو هولاند ؟

هل تلتحق كريستيان طوبيرا بمعارضي فرانسو هولاند ؟
مصطفى الطوسة

حتى و ان كانت متوقعة و مبرمجة سياسيا شكلت استقالة وزيرة العدل الفرنسية كريستيان طوبيرا  من التشكيلة الحكومية التي  يقودها مانويل فالس  مفاجأة  من العيار الثقيل  لا زالت ارتداداتها تحرك بقوة المشهد السياسي الفرنسي و تهدد بإعادة خلط الأوراق  ... هي ثاني استقالة سياسية تطال الأداء الحكومي تحت قيادة فرانسوا هولاند ...الأولى كانت عندما أرغم أرنو منتبور تقديم استقالته على خلفية انتقاداته للخيارات الاقتصادية للحكومة الفرنسية عندما قررت ركوب منعطف ليبرالي جسده في وقت لاحق الوزير الشاب و الواعد إيمانويل ماكرون ...

استقالة كريستان طوبيرا تملك نكهة خاصة لانها ساهمت في تفجير تناقضات داخل اليسار الحاكم  حول رهانات  ملتهبة تاريخيا تخص قيم الجمهورية و مبدأ المساواة أمام القانون و الدستور. ...ففي الوقت الذي أقر فيه فرانسوا هولاند  تحت ضغط الإحداث الإرهابية و اليمين على إدماج بند سحب الجنسية لحاملي الجنسية المزدوجة المولودين على التراب الفرنسي انتفضت كريستيان طوبيرا و عبرت عن معارضة علنية لهذه الخيارات باسم الدفاع مع قيم و مبادئ اليسار.و قد تسببت مواقف طوبيرا في بلبلة سياسية حكومية استغلها اليمين لتوجيه سهام مسمومة لفرنسوا هولاند و محاولة إظهاره كقائد غير قادر لاتخاذ القرارات الضرورية و الحاسمة لحماية الفرنسيين من التهديدات الإرهابية ...

وقد اجمع المراقبون على حتمية ان تكون للاستقالة طوبيرا تداعيات سياسية على الحقبة المقبلة التي يعيشها فرنسوا هولند و هو يستجمع قواه لمعركة الولاية الثانية ...فالتساؤل الذي يشغل بال الأوساط السياسية الفرنسية ..هل ستلزم طوبيرا الصمت و تمتنع عن انتقاد أداء الحكومة الفرنسية ام ستطلق العنان لخيبة أملها و تسمع صوتها المعارض و تنضم إلى صفوف اليسار الغاضب ألذي يبحث حاليا عن قيادة تجسد آماله ؟؟. ففي الوقت الذي اشتعلت فيه مواقع  التواصل الاجتماعي تطالب طوبيرا بان تشارك كمرشحة للانتخابات الرئاسية المقبلة أشار بعض المحللين الى  ان طبيعة الوزيرة المستقيلة التي عبرت عن قناعاتها و غردت خارج السرب بهذا الزخم  وهي داخل الحكومة  لن تسكت وهي خارجها ...

ومن تم الإشكالية التي يواجهها حاليا فرنسوا هولاند و التي تتمثل في محاولة توحيد التيارات المكونة اليسار كخطوة أساسية قبل مباشرة الانتخابات المقبلة و مع استقالة كريستان طوبيرا أصبحت هذه المهمة في غاية الصعوبة في ضوء تنامي موجات الغضب الشعبي من سياسات اليسار الحاكم الاقتصادية ...ولعل أسوأ سيناريو يؤرق حاليا فرانسوا هولاند أن تضم كريستان طوبيرا أيقونة اليسار المستقيل صوتها إلى الشخصيات الغاضبة من خياراته مثل مارتين اوبري أرنو مونت بور بونوا هامون و جان لوك ملونشون  و تشكل قوة ضاغطة و رافضة و منتقدة لحصيلة ولاية هولاند الأولى ...و الخطر القاتل ن تتزامن هذه الانتقادات الداخلية مع سهام اليمين القاتلة و تبرز وجها فاشلا لفرانسوا هولاند تجعل من إعادة انتخابه عملية شبه مستحيلة.
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.