فرنسا و خطر الإسلاموفوبيا

فرنسا و خطر الإسلاموفوبيا
مصطفى الطوسة

و فرنسا تستعد لوداع سنة مليئة بالمحن الأمنية و التعقيدات الاجتماعية و الاعتداءات الإرهابية ...يطفو على سطح المشهد السياسي خطر ظاهرة تهدد مبدأ العيش المشترك تحت سقف الجمهورية  بين مختلف مكونات المجتمع الفرنسي و هي ظاهرة الإسلاموفوبيا.. جاءت أحداث كورسيكا حيث تعرض مسجد لاعتداء مع حرق لنسخ من القران و رفع شعارات معادية للعرب لتجسد هذه المخاوف التي أصبحت تنتاب مسلمي فرنسا منذ أن ركز اليمين المتطرف نفوذه داخل المجتمع الفرنسي على المستويين السياسي و الاجتماعي ...

تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في فرنسا جاءت على خلفية الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا منذ شهر يناير الماضي و التي دفعت ببعض القوى السياسية إلى توجيه أصابع الاتهام الى الجالية الفرنسية المسلمة معتبرة أنها توفر بيئة حاضنة لهذا الفكر المتطرف الذي يشجع الاعتداءات الإرهابية ..و بالرغم من ان أصوات نافذة و مؤطرة لمسلمي فرنسا ارتفعت و أطلقت إنذارات قوية من تفشي هذه الظاهرة و طالبت بعدم الخلط بين فرنسيين مسلمين يمارسون ديانتهم بسلام و هدوء و أقلية من شباب استقطبهم الخطاب المتطرف ..الا ان هذا الخطاب الحاقد على الإسلام و المسلمين الذي يستثمره البعض  أصبح يلقى آذانا صاغية داخل المجتمع الفرنسي  و تعبيرا سياسيا لهذه الظاهرة كما وثق ذلك المرصد الوطني لمحاولة الإسلاموفوبيا التابع للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية 


و لدى الحكومة الفرنسية وعي حاد بضرورة وقف هذه الظاهرة و محاربة العوامل التي تشجعها  بسبب الخطر القاتل الذي تشكله   على تماسك المجتمع والعيش المشترك الذي تضمنه مبادئ الجمهورية .  ومن تم التصريحات المنددة التي صدرت عن  رئيس الحكومة مانويل فالس عبر حسابه على شبكة تويتر حيث  رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس في تغريدة "بعد الاعتداء غير المقبول على اطفائيين, (ياتي) تدنيس غير مقبول لمكان صلاة للمسلمين. (يجب) احترام القانون الجمهوري".من جانبه قال وزير الداخلية برنار كازينوف "ان أعمال العنف غير المقبولة هذه على خلفية عنصرية وكراهية للأجانب, لا يمكن ان تبقى بدون عقاب طالما انها تمس من قيم الجمهورية".

في حين ردت  عليهم الجبهة الوطنية بزعامة مارين لوبين قائلة إن أحداث العنف التي  عاشتها كورسيكا هي لسوء الحظ نتيجة لسياسية سوء التدبير الذي تتبعها الدولة الفرنسية التي تركت في رأيها أحياء و مناطق واسعة لا يطالها القانون و دفع ببعض المواطنين إلى ممارسة العدالة بأنفسهم ...حسب موقف الجبهة الوطنية ..

وكدليل على الارتدادات القوية التي يعيشها المجتمع الفرنسي على خلفية الاعتداءات الاٍرهابية يتزامن تصاعد التصرفات الإسلاموفوبيا مع الإعلان عن تحطيم أرقام قياسية هذه السنة لهجرة اليهود الفرنسيين إلى إسرائيل هاربين من أجواء المعاداة للسامية التي لاحظوا تطورها داخل المجتمع الفرنسي و استهدافهم من طرف مدبري العمليات الإرهابية معتبرين أن آفاق العيش في فرنسا أصبحت قاتمة  ...هذه التحديات تفرض على الطبقة السياسية الفرنسية امتحانا عسيرا لبلورة خطاب و مواقف تطمئن الخائفين من انزلاق الأوضاع الأمنية و الاجتماعية .
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.