حقبة عسيرة يمر بها نيكولا ساركوزي

حقبة عسيرة يمر بها نيكولا ساركوزي
مصطفى الطوسة

حتى في أحلك أحلامه لم يكن نيكولا ساركوزي يتصور انه سيمر بفترة صعبة مثل تلك إلي يعيشها حاليا ...عندما قرر العودة آلى الحياة السياسية بعد هزيمته في الانتخابات الرئاسية أمام الاشتراكي فرانسو هولاند كان علل هذه العودة السابقة لأوانها بدافعيين أساسيين. الأول لمحاولة ترتيب بيت اليمين التقليدي  الذي كانت صراعاته الداخلية تهدده بالانفجار بسبب نزاعات قيادة بين مختلف الشخصيات التي تطمح إلى لعب الأدوار الأولى . والسبب الثاني كانت الإرادة القوية للوقوف أمام  تمدد اليمين  المتطرف بزعامة مارين لوبين ...

اليوم  يقف نيكولا ساركوزي علو واقع مر ... مارين لوبين في أعلى مستوياتها و تطمح بقوة إلى خوض غمار الرئاسيات و هو اليوم يتخبط في صراعات داخلية لإقناع قيادة حزب الجمهوريون بان خياراته السياسية صائبة ...جاءت انتخابات المناطق لتؤجج التناقضات بين منتقد لنيكولا ساركوزي و مؤيد له ..هو الذي رفض مبدأ السد الجمهوري لمنع الجبهة الوطنية من تحقيق اختراقات انتخابات .. حيث اتهمه معارضوه بأن موقفه الغامض اتجاه اليمين المتطرف هو الذي يشرح انتعاشه و المصداقية التي اصبح يتمتع بها داخل المشهد السياسي الفرنسي ..

بقيادة ناكولا ساركوزي  لم يحقق حزب الجمهوريون الموجة الزرقاء التي وعد بها قاعدته الانتخابية ...بل حتى المناطق السبع  التي فاز بها كانت ثلاثة منها بمساعدة حاسمة لليسار في إطار جهود الاشتراكيين لمنع الجبهة المتطرفة من تحقيق نجاحات انتخابية...و غداة  الدورة الثانية ...انفجرت التناقضات بين مكونات حزب الجمهوريون و قد أرغم نيكولا ساركوزي على إبعاد شخصية مثل ناتالي كوسوسكو موريزي لانها تجرأت و انتقذت مواقف نيكولا ساركوزي اتجاه الجبهة الوطنية ما تسبب في تصدع واضح في أركان قيادة الحزب الذي يعول عليه بعض الفرنسيين في بلورة سياسية وحكامة بديلة لليسار الحاكم ...

و قد اجمع المراقبون على اعتبار نيكولا ساركوزي الخاسر الأكبر في هذه الحقبة بالمقارنة مع الاشتراكيين الذين استطاعوا ان يبعثوا برسالة واضحة حول إرادتهم الحازمة في محاربة اليمين المتطرف و بالمقارنة مع الحبهة الوطنيين بزاعامة مارين لوبين بتجنيد سبعة ملايين ناخب محطمة رقما قياسيا يجعل من حزبها رقما هما في المعادلة لا يمكن تجاهله..  فيما أعطى زعيم الجمهوريين  الانطباع أنه يغرق في تناقضات و صراعات داخلية قد تضعف أداءه و تنسف  حظوظه اولا بالفوز بالانتخابات التمهيدية للحزب و ثانيا في طموحاته الرئاسية ...و قد وجهت له انتقادات لاذعة من أطراف تتساءل كيف يمكن لنيكرلا ساركوزي ان يجمع شمل  عائلة اليمين الواسعة التي تضم أيضا أحزاب الوسط هو الذي فشل حتى الان في إرساء قيادة حزبية متجانسة و مصطفة وراءه ..

في خضم هذه التناقضات يراهن البعض على أن حزب الجمهوريين سيجد صعوبة في المواقفة على مرشح يخوض معركة الرئاسية و قد بدأت التناقضات حول موعد الانتخابات التمهيدية حيث طلب البعض تقريب ومعيدها لشهر حزيران المقبل فيما رأى آخرون قي دلك مناورة سياسية تهدف إلى حسم الخيار بسرعة لصالح ساركوزي ...
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.