الزلزال السياسي الذي ينتظر فرنسا...

  الزلزال السياسي الذي ينتظر فرنسا... 

مصطفى الطوسة 

 

لم يسبق لاستحقاق انتخابي ان استحوذ على اهتمام و فضول  من طرف الشارع السياسي الفرنسي بهذه القوة و هذا  الزخم  مثل ذلك الذي يثيره الدور الأول من الانتخابات المناطقية التي تجري في فرنسا الأحد المقبل ... معظم معاهد استطلاع الرأي تتنبأ باختراق تاريخي للجبهة الوطنية اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبين ... و تقول إن هذا الحزب المتطرف قيد يتصدر نتائج هذه الانتخابات في نصف الجهات المتبارية من أصل اثني عشرة جهة ...ما قد يؤشر إذا تحققت هذه التنبؤات إلى تسونامي انتخابي يضع الجبهة الوطنية المتطرفة في قلب اللعبة السياسية و الانتخابية الفرنسية ...و هو وضع قد تكون له تداعيات حاسمة على السباق  الرئاسي لعام الفين و سبعة عشر ..

 

قبل الاعتداءات الإرهابية التي ضربت باريس في الثالث عشر من الشهر الماضي كان نجم مارين لوبين يسطع في المشهد السياسي الفرنسي بقوة ..فقد استطاع حزبها ان يفرض خطابه و مقاربته السياسية و الأمنية  على مختلف وسائل  الإعلام الفرنسية و ان يستقطب الأضواء كقوة سياسية قادرة على تقديم البديل عن اليسار الحاكم و اليمين التقليدي المعارض ..   و حتى عندما واجهت مارين لوبين صراعات مع والدها جان ماري لوبين مؤسس الجبهة و أيقونتها التاريخية .. استطاعت ان تتجاوز هذه العقبات التي يبدو انها لم تترك أثرا سلبيا في صفوف المتعاطفين معها .  

 

وجاءت اعتداءات نوفمبر الإرهابية  لتقلب الموازين و تكرس الكابوس الأمني ...اليمين التقليدي بزعامة نيكولا ساركوزي صعد من لهجته الأمنية و بلور عدة مقترحات شبيهة بتلك التي يروج لها منذ زمن طويل اليمين المتطرف مثل فكرة تجريد المتورطين  من أصول أجنبية في العمليات الإرهابية من الجنسية الفرنسية و إبعاد الأئمة الذين يروّجون لخطاب متطرف و يساهمون  في عملية غسيل دماغ لشباب تستقطبهم المجموعات المتطرفة  و تجندهم في مشاريعها الإرهابية   .. و قد تجسد المنعطف الفرنسي  السياسي الكبير في ان الرئيس فرانسوا هولاند و تحت ضغط الظرفية الأمنية أرغم على تبني  هذه الخيارات الأمنية ...و من تم فرض حالة الطوارئ و اقتراح تعديل دستوري لتبني مختلف هذه الإجراءات الصارمة التي تهدف في عمقها الى توجيه رسالة طمأنة آلو المجتمع الفرنسي الخائف من استمرار الاعتداءات الإرهابية ..  

 

كل هذه المواقف السياسية و الجدل الذي تبعها جاءت لتعطي الانطباع ان التطورات الأمنية صادقت بشكل أو بأخر  على الإنذارات المتشائمة التي كان يطلقها زعماء اليمين المتطرف و الخيارات البديلة انطلاقا من إعادة النظر في فضاء شنكن الأوروبي و تشكيكها في جدوى بناء البيت الأوروبي الموحد  مرورا بفرض رقابة قوية على المساجد و الخطب الدينية التي تلقى فيها ...و من تم هذا التخوف الذي ينتاب الطبقة السياسية الفرنسية  بيسارها الحاكم و يمينها المعتدل  من أن  تتولد قناعة لدى الناخب الفرنسي بان الجبهة الوطنية المتطرفة كانت على حق في دق ناقوس الخطر و أنها قد تكتسب مصداقية اكبر و تشهد تهافتا أقوى للناخبين الفرنسيين .

 

 

Normal 0 21 false false false FR X-NONE AR-SA /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin;}
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.