فرانسوا هولاند وتحديات الحوار الاجتماعي

فرانسوا هولاند وتحديات الحوار الاجتماعي 

مصطفى الطوسة 

 

إنها محنة سياسية و اجتماعية تلك التي يمر بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على بعد أيام  قليلة من الانتخابات الجهوية و شهور معدودة التي تفصلنا عن رئاسيات الفين و سبعة عشر ...هذه الصعوبة تجسدها الندوة الرابعة للحوار الاجتماعي التي تعقد حاليا بين الحكومة و نقابات ارباب العمل و العمال ..و كان لافتا غياب اكبر نقابة هي الكنفدرالية العام للشغل التي قاطعت جلسات هذا  الحوار بحجة انه لا يضع اللبنات الأساسية التي تسمح بالتوصل إلى تفاهمات تضمن استقرارا اجتماعيا ...

 

ندوة الحوار الاجتماعي سبقتها عدة لقطات اجتماعية كان لها صدى إعلامي و سياسي كبير  عكست بقوة  العنف الذي دخلت فيه العلاقات الاجتماعية داخل بعض المؤسسات الفرنسية..فصورة مسئول في شركة الطيران الفرنسية و قميصه ممزق من طرف نقابيين غاضبين  جالت العام وساهمت في تشويه آليات الخوار الاجتماعي في فرنسا...و صورة المناضلة الاشتراكية التي  قذفت وزير الاقتصاد الفرنسي امانويل ماكرون بعلبة لبن أظهرت المعارضة الشرسة التي تواجه الخيارات الاقتصادية لحكومة مانويل فالس ...اما لقطة المناضل النقابي الذي رفض تحية الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند و هو يزور معملا في سان نزير  فقد بينت الشرخ العميق الذي أصبح يميز علاقات اليسار الحاكم بهموم الطبقة العاملة ...

 

هذه التحديات تمنح لولاية فرانسوا هولاند منعطفا خاصا و هو يحاول تعبئة صفوف اليسار لخوض معركة الانتخابات المقبلة ...و جاءت  انتقادات المعارضة سواء كانت من اليمين او اليسار المتطرف قوية مذكرة بالتزام الرئيس  هولاند بالعمل على التوصل الى مجتمع مستقر تسوده علاقات اجتماعية هادئة و اذا به يواجه حقبة من التوترات الاجتماعية قد تسمم علاقات اليسار مع الشارع السياسي و تفتح الباب واسعا لمنافسيه كي يحققوا اختراقات تبعد عنه أمل الولاية الثانية ...

 

و أمام هذه العقبات حاول الرئيس هولاند بعث رسالة طمأنة لمختلف الشركاء الاجتماعيين و السياسيين  مفادها انه سيسهر على الحفاظ على النموذج الاجتماعي الفرنسي شرط ان يباشر في عملية إصلاحية هيكلية لكبريات مؤسساتها ...و قد اعتبر المراقبون ان الرئيس هولاند و ضع نفسه في كمين سياسي ...فإما اي يسرع وثيرة الإصلاحات و يكسر اللوبيات المحافظة على مصالحها و يجد أمامه قوى سياسية متحالفة تندد بتخليه عن قيم ومبادئ اليسار التي كانت العمود الفقري  لبرنامج السياسي و إما أن يتراجع عن هذه العمليات الإصلاحية و يمنح اليمين الفرصة بالقول بان إستراتيجية هولاند فاشلة مبينة على دخان إعلامي لا فائدة منه..          

 

وَمِمَّا زاد الطينة بلة و الأمور تعقيدا أن زعيم الكنفدرالية العامة للشغل  مارتينيز وجه تحذيرا مدويا و مخيفا  للرأي العام الفرنسي مفاده ان الأوضاع الاجتماعية في فرنسا توجد على حافة الانفجار ..ما رأى فيه بعض المراقبين ضغطا إضافيا على أداء الرئيس هولاند و خياراته الاقتصادية ... 

 

  

Normal 0 21 false false false FR X-NONE AR-SA /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin;}
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.