أزمة اللاجئين السوريين تهز كيان الاتحاد الأوروبي

 
 أزمة اللاجئين السوريين تهز كيان الاتحاد الأوروبي
مصطفى الطوسة

قالتها مرة المستشارة الألمانية إنجيلا مركل و لا احد صدقها .. ...البعض اتهمها بالمبالغة .…. أزمة اللاجئين اخطر بكثير  على مصير دول الاتحاد الاوروبي من أزمة اليونان او الأخطار التي كانت تهدد منطقة اليورو....وانفجرت الأحداث وكبر نزيف اللاجئين عبر البوابتين الليبية و البلقانية ...  وفرضت أزمة اللاجئين نفسها على المشهد الأوروبي كأكبر تهديد و أعنف تحد تواجهه العائلة الأوروبية.... في عز الأزمة وفي الوقت الذي وقفت فيه البلدان الأوروبية مذهولة أمام هول المأساة التي تجري قرب سواحلها و قرب أراضيها..ارتفع صوت ألمانيا في شخص إنجيلا مركل لاستنهاض الهمم و لدعوة الأوروبيين باسم احترام الحقوق المدنيين العالمية فتح أبواب أوروبا للاجئين  السوريين .. كان صوت متميز بالمقارنة مع صمت و تحفظ باقي  الدول الأوروبية ...ألمانيا أزعجت الجميع عندما وعدت بأنها ستستقبل كل لاجئ سوري تطأ قدماه الأراضي الألمانية ...انزعاج بسبب الرسالة التشجيعية التي توجهها ألمانيا...


و اكتشف العالم حجم طوابير المهاجرين التي تقوم برحلات محفوفة بالخطر إلى الجنة الموعودة ألمانيا.. وللتخفيف من وطأة هذا العبء اقترحت ألمانيا و دعمتها فرنسا إرساء آلية لتوزيع عادل و إجباري  للاجئين على مختلف الدول الأوروبية كل حسب طاقة استيعابه و قدراته الاقتصادية...و اعتقد الرأي العام الأوروبي ان بلدان  الاتحاد خرجت من عنق الزجاجة ..و اذا ببلدان أوروبا  الشرقية تتمرد على الخيارات الألمانية و ترفض منطق الحصص معتبرة هذه الأفواج من اللاجئين  المسلمين القادمين من الشرق الأوسط تهديدا على الهوية المسيحية الأوروبية ...تمرد دول البلقان أعاد الكابوس الى مربعه الأول ...وزادت حدة تدفق اللاجئين على ألمانيا الى درجة دفعت بإنجيلا مركل الى مراجعة حساباتها ...ألمانيا فرضت مراقبة على حدودها  مع النمسا ضاربة عرض الحائط روح فضاء شنغين الذي شيد البيت الأوروبي الموحد عبر ضمان حرية مطلقة لتنقل المواطنين الأوروبيين و بضائعهم ...


وجاء الموقف الألماني ليدق  ناقوس الخطر بان ركائز الكيان الأوروبي مهددة بالانهيار في حال استمرت موجات اللاجئين تتدفق على أوروبا...وكان من انعكاسات المقاربة الألمانية ان ارتفعت أصوات في فرنسا تطالب  بفرض قيود موقتة على الحدود الفرنسية الإيطالية إلي يمر عبرها لاجئون تسللوا الى أوروبا قادمين من  ليبيا ..كما أعيد بإلحاح كبير طرح قضية إقامة مراكز استقبال للاجئين على الحدود الأوروبية تتم من خلالها عملية فرز بين ما هو لاجئ سياسي و إنساني و ما هو مرشح للهجرة الاقتصادية....

أهمية الخطر الذي تسببت فيه أزمة اللاجئين أنها تؤجج الحركات المشككة في نجاعة البناء الأوروبي الموحد التي لطالما تختفي ورائها حركات عنصرية متطرفة حاقدة على الأجانب  و تمنحها حججا للقيام بحملات تطالب بالعودة إلى المربع  الوطني الضيق ...و يتوقع  المراقبون أن تكون لهده المنعطفات ترجمة في صناديق الاقتراع الأوروبية المقبلة كلها مهاجمة و منتقدة للبيت الأوروبي الموحد في شكله الحالي ...

   
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.