أزمة اللاجئين تهدد اتفاقية شنكين

أزمة اللاجئين  تهدد اتفاقية شانكين
مصطفى الطوسة


في عز أزمة اللاجئين الذين يتدفقون على بلدان الاتحاد الأوروبي عبر البوابة البلقانية و الليبية ارتفعت أصوات اليوم تتحدث عن الخطر الذي أصبح يهدد اتفاقية شنكين الأوروبية التي تنظم حرية تحرك الأشخاص و البضائع داخل الفضاء الاوروبي و التي تعد من أهم ركائز البيت الأوربي الموحد .. عندما تبنت أصوات حزبية فرنسية هذا الطرح مثل زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبين او بعض قياديي أحزاب المعارضة اليمينية من حزب "الجمهوريون"  قيل وقتها ان هذه الفعاليات الحزبية تحاول استثمار أزمة اللاجئين  و حقدها الدفين لروح أوروبا الموحدة لكي تحقق أجندتها الداخلية .  محللون سياسيون  أكدوا مرارا ان هذه المواقف تدخل في إطار المزايدات الانتخابية الداخلية و تتنبأ بعضهم ان هذه الكلام ستمحوه نهاية الحقبة الانتخابية و عودة الأمور إلى مجاريها الطبيعية...

لكن عندما جاءت التهديدات على لسان المستشارة الألمانية إنجيلا مركل تسبب ذلك في زلزال إعلامي و صدمة كبيرة .  إنها ألمانيا اكبر قوة اقتصادية أوروبية ...محرك أوروبا و قلبها الاقتصادي النابض  تتحدث عّن احتمال إعادة النظر في اكبر اختراق حققه الأوروبيون قبل التوصل إلى العملة الموحدة و هو إقامة فضاء تنقل حر للأفراد والبضائع ...التهديد الألماني فاجأ بحدة لهجة و بواقعيته ...اذا لم تستطع دول الاتحاد الأوروبي بلورة سياسية استقبال مشتركة للمهاجرين و توزيع عادل لعبئهم الاقتصادي و الإنساني فان ألمانيا التي كسرت أرقاما قياسيا في استقبال اللاجئين ستضطر الى إعادة النظر في إنقاذية شنكين ...

أهمية هذا الموقف الألماني  تكمن قي انعكاساته المُحتملة على الرأي العام الأوروبي...فهو يكشف  ارتباكا أوربيًا في التعامل مع هذه الظاهرة التي  أصبحت تشكل خطرا داهما على توازناته الاجتماعية و الأمنية ...و التهديد بالعودة على الحدود الوطنية ما قبل اتفاقية شنكين من شأنه ان يمنح زخما لكل الحركات السياسية  المشككة في وحدة البيت الأوروبي و الداعية الى التخلي عن رموز السيادة الأوروبية و العودة إلى المربع الوطني الضيق...و هو موقف من شانه أيضا أن يشجع الحركات المتطرفة يمينية او يسارية و المشككة في جدوى مؤسسات الاتحاد الأوروبي  انطلاقا من المفوضية مرورا بالبرلمان الأوروبي و كل إدارات الاتحاد المتهمة بإصدار قرارات بيروقراطية بعيدة عن واقع المواطن الأوروبي وهمومه اليومية...

هناك تحد كبير ينتظر دول الاتحاد الأوروبي  فباسم احترام الحقوق المدنية الكونية كما قالت إنجيلا مركل يتوجب على هذه الدول التوصل الى صياغة مقاربة مشتركة و عادلة لاستقبال موجات اللاجئين الهاربين  من ويلات الحروب و يمر ذلك أيضا عبر إعادة النظر في اتفاقية دبلن الشهيرة التي تضع بلد الدخول للمهاجر أمام مسئولية  اقتصادية و أمنية اتجاهه و تجعل العبء عليه أتقل في مواجهة مختلف التحديات التي تنتج على عملية الاستقبال ...إشكالية الهجرة إذن تؤرق القيادات الأوروبية و تهدد كيانهم بشكل لم سبيل له مثيل منذ إطلاق عملية بناء البيت الأوروبي الموحد..  


Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.