أزمة المهاجرين اخطر من أزمة اليونان و اليورو بالنسبة لأوربا

أزمة المهاجرين اخطر من أزمة اليونان و اليورو بالنسبة لأوربا
مصطفى الطوسة

فاجأت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركيل الرأي  العام الأوروبي بتصريحات نارية أدلت بها حول اشكالية الهجرة عندما أكدت ان قضية المهاجرين داخل الاتحاد الأوروبي التي تواجه أزمة إنسانية غير مسبوقة ستشغل بال و اهتمام الأوروبيين اكثر من المشاكل التي  إثارتها الأزمة الاقتصادية اليونانية و الاخطار التي كانت تهدد استقرار العملة الأوروبية اليورو....  و أضافت المستشارة الألمانية  ان دول الاتحاد الاروبي في حاجة الى بلورة سياسية مشتركة لاستقبال اللاجئين و إدارة شؤونهم منددة بالاعتداءات العنصرية التي يتعرض لها المهاجرون في عدة بلدان أوروبية ...و لفتت أنجلا مركل الانتباه بالطلب الذي عبرت عنه عندما اقترحت إقامة لائحة بلدان أوروبية أكثر ضمانا لأمن اللاجئين ...وختمت مركل خرجتها الإعلامية  هته بالقول إنها ستناقش هذه القضايا مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ..و كان ذلك كافيا لكي تتلقف الصحافة الفرنسية هدا الموضوع و تركز عليه في صدر اهتماماتها ...

اللافت للانتباه أن إشكالية الهجرة تغيبت عن اهتمامات الأوروبيين خلال الفترة العسيرة التي كان الاتحاد الأوروبي يواجه أزمة اليونان و يحاول جادا إنقاذ تماسك منطقة اليورو  ...فبعد الاجتماعات الاستثنائية التي عقدت على مستوى القمة الأوروبية توارى الاهتمام نسبيا من طرف القيادة  السياسية اتجاه ما كان يعتبر كابوسا أوروبيا خصوصا بعد ان شب جدل إعلامي و سياسي قوي  حول إشكالية الحصص  او الكوتا التي اقترحها البعض كآلية لحل أزمة اللاجئين و توزيع عادل للعبء الاقتصادي و الأمني الذي تشكله موجات المهاجرين السريين التي تتدفق بانتظام على السواحل الأوروبية...

وقد عاد الموضوع نسيبا إلى أولوية الاهتمامات في عز العطلة الصيفية عندما طفا الى السطح جدل فرنسي البريطاني حول طريقة إدارة المهاجرين الذين يتكدسون في منطقة كالي الحدودية Calais حيث واجهت السلطات الفرنسية تحديات كبيرة لمحاولة وقف موجات من المهاجرين التواقين للتوجه إلى بريطانيا بسبب الاستقطاب الذي يمارسه النموذج البريطاني  وارتفعت أصوات فرنسية تندد بدور الدركي الذي تقوم به فرنسا لحماية الحدود البريطانية فيما عبرت لندن عن خيبة املها بعدم تطبيق جدي لما يسمى باتفاقية "لو توكي" Le Touquet الذي كان الرئيس السابق  نيكولا ساركوزي وقعها مع البريطانيين و التي تحول فرنسا بحسب البعض إلى الذراع المسلح لحماية بريطانيا من هذه الهجرة.

و انطلاقا من كل هذه المعطيات و التصريحات  للمستشارة الألمانية إنجيلا مركل يبدو ان التحدي الكبير الذي ينتظر دول الاتحاد الأوروبي يكمن في محاولة إيجاد صيغة مشتركة للتعامل مع ظاهرة الهجرة سواء تعلق الامر بتجفيف منابع تصديرها و القضاء على قنوات الاتجار بالبشر التي تأخذ حتى الساعة من السواحل الليبية منطلقا لها أو بالتوصل إلى بلورة سياسية لجوء مشتركة تخفف من وطأة الظروف اللا إنسانية التي يعيشها اللاجئون و التي أصبحت تشكل تحديا سياسيا داخليا لكل دول الاتحاد الأوروبي قد تؤثر بشكل أو بأخر على رهاناتها الانتخابية...
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.