هل ارتكب مانويل فالس خطأ اخلاقيا ؟

هل ارتكب مانويل فالس خطأ اخلاقيا ؟
مصطفى الطوسة

زوبعة إعلامية و سياسية تلك التي عصفت برئيس الحكومة مانويل فالس عندما اكتشف الرأي العام انه استعمل طائرة الفالكون الحكومية  للتنقل الى مدينة برلين الألمانية لحضور نهائي رابطة الأبطال الأوربية صحبة ولديه و مناصرة فريقه المفضل برشلونة الاسباني  ضد جوفنتوس الايطالي   ...زوبعة لم تهدأ حتى بعد ان تعهد بدفع مستحقات سفر نجليه .. منطلق هذا الأزمة الأولى من نوعها التي يعيشها مانيول فالس انه أعطى الانطباع انه وظف الإمكانيات التي تضعها الدولة رهن إشارته  للقيام بمسؤوليته من اجل خدمة مصلحة شخصية و استثمارها لأغراض خاصة ...

وما زاد هذا الجدل حدة و زخما غير مسبوق كون اليسار الحاكم وقبل مجيئه إلى قصر الأليزي كان بنا مجده و مصداقيته على أخلاقية الحياة السياسية التي دمرها اليمين خلال عهدتي جاك شيراك و نيكولا ساركوزي ...و عاش اليسار الحاكم عدة فضائح سياسية و أخلاقية مروا بالفضيحة الكبير التي جسدها وزراء مثل  جيروم كايوزاك و توما تيفنو عبر قضية التهريب الضريبي و قادر عريف في قضية رشاوى .  و في خضم هذه الفضائح اظهر كل من الرئيس فرانسو هولاند و رئيس الحكومة مانيول فالس موقفا حازما أرغم المخطئين على الاستقالة و الخروج من المشهد السياسي...

منذ تعيينه على رأس الحكومة حاول مانويل فالس ان يظهر  إلى الرأي العام الفرنسي صورة رجل سياسي يضع النزاهة و احترام الممتلكات العامة  على رأس أولوياته  و معتقداته و أن يتقمص شخصية الرجل السياسي الحازم و الصارم الذي لا يمكن أن يتلاعب أبدا بالمصلحة العام لخدمة مصالح الخاصة ..و جاءت فضيحة برلين لتخدش هذه الصورة و لتظهر للرأي العام الفرنسي ان مانويل فالس فقد علاقته مع الواقع السياسي و الاجتماعي أدرجته دفعته إلى ارتكاب مثل هذه الأخطاء التي كان هو يعيبها علو منافسيه السياسيين ..

اليمين الفرنسي الذي يقف بالمرصاد لليسار الحاكم استغل هذه الفضيحة و أعطاها بعدا سياسيا  كبيرا وفعلها على مستوى وسائل الإعلام  لدرجة دفعت ببعض كاتبي الافتتاحيات بوصفها "بالفالس  كيت"  في إشارات الى المنعطف السياسي الذي يمكن ان تشكله مثل هذه القضية ...رموز اليمين هجموا بعنف غير مسبوق على فالس و طالبوا منه ان سيتخلص العبرة من هذه الهفوة ...اما يسار الحزب الاشتراكي فينظر الى تبعات هذه الفضيحة على أساس انها توكد الانتقادات التي توجها جماعة الغاضبين الاشتراكيين خيارات فالس الاقتصادية ...

وقد انفجرت هذه الفضيحة  في أسوأ الظروف بالنسبة لمانويل فالس حيت بدأت معاهد استطلاعات الرأي تقدمه على أساس انه الشخصية المفضلة لدى شرائح واسعة من الفرنسيين لخوض غمار السابق الرئاسي  المقبل بالمقارنة مع الشعبية المتدنية للرئيس هولاند ...و تعتبر هذه الفضيحة بمثابة ضربة سياسية قاسية قد تكون لها تداعيات على مصداقية فالس و مستقبله السياسي و لعل اعترافه المتأخر بالخطأ سيزيد من حملة المشككين فى قدراته  والمنتقذين لأدائه.
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.