مشاركة فرنسا في احياء ذكرى مجزة سطيف ....نقلة نوعية او منعطف في العلاقات الفرنسية الجزائرية ؟

مشاركة فرنسا في احياء ذكرى مجزة سطيف ....نقلة نوعية او منعطف في العلاقات الفرنسية الجزائرية ؟
مصطفى الطوسة


استقطبت الزيارة التي يقوم بها الى الجزائر كاتب الدولة الفرنسي لقدامى المحاربين جان مارك طوديشني الاضواء كونها تحمل رسائل عدة يمكن ان يكون لها تأثير إيجابي على سير العلاقات بين البلدين ...زيارة المسؤول الفرنسي الاولى من نوعها هدفها المشاركة في احياء ذكرى  مجزرة سطيف التي وقعت عام الف و تسعمئة و خمسة و أربعين و التي سقط ضحيتها آلاف الجزائريين بعد عمليات قمع قامت به السلطات الفرنسية ...حيث شكل هدا الحادث الماساوي نطقة انطلاقات تاريخية للمقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي ...لقد سبق لفرنسا ان اعترفت بمسؤوليتها اتجاهه هده المجزرة...كان ذلك عام ألفين و خمسة على لسان السفير الفرنسي في الحزائر هوبير كولين دو فرديير ...لكن هذه هي المرة لأولى التي يشارك فيها مسؤول فرنسي في احتفالات احياء هذه الذكرى الاليمة التي و رغم مرور الزمن لازالت تؤطر محرك العلاقات الفرنسية الجزائرية...


الوزير الفرنسي استبق هذه التحرك الدبلوماسي و وضع له عنوانا سياسيا بارزا عندما أكد في تصريحات صحافية ان زيارته "تندرج في إطار خطوة تنم عن الصداقة و الاحترام و على الحرص على المضي في شحد ذاكرتنا بشكل هادئ لنتمكن من التطلع بشكل أفضل نحو المستقبل".. و من بين الخطوات الرمزية الهامة لهذه الزيارة ان يضع الوزير الفرنسي أكليلا من الزهور على النصب التذكاري الضحية الاولى التي سقطت خلال تظاهرة سطيف الشهيرة..

بين باريز و الجزائر لازالت الذاكرة هي بيت القصيد المؤلم  الذي يمنع اي مصالحة شاملة بين البلدين .، خلال سنوات طويلة لم يجرأ احد من الطبقة السياسية الفرنسية من فتح ملف الذاكرة و المسئولية المشتركة علن مختلف العواصف الدامية التي طبعت المواجهة العسكرية بين الشعبيين و هما ينفصلان بلغة السلاح ...  بقي موضوع المصالحة و التساؤلات حول ابعادها التاريخية و المجتمعية حكرا عى الأبحاث الجامعية حيث نأى الحكام بأنفسهم  من هذا الموضوع  الملتهب  لما يطلبه من تنازلات و اعترافات سياسية كبيرة...الى ان تفجر الجدل حول ايجابيات الاستعمار الفرنسي بسبب ماعرف اعلاميا بقانون عام ألفين و خمسة و الذي عرض امام البرلمان و اتهم بتمجيد الاستعمار و تناسي جرائمه في حق الشعب الجزائري ...و قد عكس الخلاف القوي و السجال الصاخب  وقتها بين اليمين الذي كان يريد ان يحيي "المهمة الحضارية " للاستعمار و بين  اليسار الذي يريد النظر بواقعية الى سلبيات هذه الحقبة التاريخية في علاقات البلدين عمق الشرخ و الخلاف الذي لايزال يميز المواقف داخل المجتمع الفرنسي و التي حالت حتى الان امام مباشرة مصالحة شاملة بين البلدين ...

مراجعة اشكالية الذاكرة بين الجزائر و فرنسا كانت من بين الأفكار الجديدة التي تقدم بها الرئيس نيكولا ساركوزي فور وصوله الى قصر الاليزي لكن سرعان ماواجهته عقبات و تناقضات داخلية في عائلة اليمين  جعلته يحجم عن اي خطوة من شانها ان تكسر المحرمات و تضع العلاقة بين الجزائر  و باريس في اجواء بعيدة عن المتشنج التاريخي ...و جاءت الزيارة التي قام بها الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند الى الجزائر عام ألفين و اثني عشر و ادانته الواضحة و الصريحة لاستعمار لتنذر بمرحلة جديدة...  و من تم الظروف السياسية التي تحيط بزيارة الوزير الفرنسي في الذكرى السبعين للأحياء مجزرة سطيف..        
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.