نفس جديد في العلاقات الفرنسية التركية

تكتسي الزيارة التي يقوم بها حاليا الرئيس التركي رجب الطيب ايردوكان الى باريس و لقاء القمة الذي يعقده مع الرئيس فرانسوا هولاند أهمية خاصة كونها تأتي في ظرفية سياسية انقلبت فيها موازين القوى رأسا على عقب بسبب تداعيات الأزمة السورية ...
معروف عن العلاقات التركية الفرنسية انها مرت بفترات عصيبة حيث تحولت اشكالية انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي و مسلسلها التفاوضي الطويل محطة خلاف و جدل سياسي عاصف...حيث جرى الحديث مرارا في فرنسامنذ زمن عن ضرورة اللجوء الى الاستفتاء من اجل حسم التصويت الفرنسي في هذه الاشكالية...و قد مرت ايضا العلاقات بين باريس و انقرة ، خصوصا في أيام الرئيس نيكولا ساركوزي ، بازمة خانقة عندما حاول البرلمان الفرنسي التصويت على قانون يجرم إبادة الأرمن ...هذه الإبادة تنفيها بقوة السلطات التركية و تعتبر اي مصادقة عليها بمثابة اعلان حرب عليها...

بقيت العلاقات الفرنسية التركية على برودتها. حاول الرئيس هولاند الذي خلف ساركوزي تهدئة الخواطر ...الى ان اندلعت الأزمة السورية ...اتفق البلدان على ضرورة التخلص من نظام بشار الأسد و نسق جهودهما في إطار تحاف دولي لتقديم دعم دبلوماسي مالي و لوجستي للمعارضة السورية . ظهر الخلاف عندما أعطت المجموعة الدولية الانطباع انها غيرت سلم أولوياتها و اصبح القضاء على داعش يطغى على خطة الإطاحة ببشار الأسد ...تركيا عبرت عن امتعاضها الكبير من هذا المنعطف عندما رفضت الانخراط في العمل العسكري ضد تنظيم الدولة الأسلامية الذي تمت صياغته في مؤتمر باريس ضد داعش الذي انعقد في بداية أيلول سبتمبر ...

و جاءت أزمة كوباني/ عين العرب لتجسد بقوة التردد التركي في المشاركة في الحرب على داعش .تركيا ترى في معركة كوباني و الوقوف الى جانب الفعاليات الكردية التي تحارب تنظيم الدولة الاسلامية خطرا قد يستفيد منها عدوها اللدود حزب العمال الكردستاني الذي يضع نصب أعينه اجندة إستقلالية تؤرق النظام التركي . و على خلفية ذلك طلب أكراد سوريا من الرئيس هولان الضغط على أردوغان كي يغير مقاربته لازمة كوباني ....

و من بين المحاور الاساسية التي سيركز عليها الطرفان التركي و الفرنسي يخص التعاون الأمني بين البلدين لمحاولة احتواء ظاهرة الجهاديين الفرنسيين اللذين يعبرون التراب التركي قبل التوجه الى ساحة المعارك السورية و تعول باريس كثيرا على المساعدة الاستخباراتية التي يمكن لاجهزة الأمن تقديما لفرنسا من التعرف على الأشخاص و القنوات الإرهابية العائدة من سوريا و التي تشكل تهددا ارهابيا للتراب الاروبي ..و خير دليل على ان العلاقات بين البلدين مرشحة لكي تعيش انفراجا ملحوظا كون باريس منحت الفضاء الاروبي عدة مؤشرات توحي بليونة جديدة في موقفها اتجاه مسلسل انضمام تركيا الى العائلة الاروبية ...هذه الليونة تعكس بشكل واضح موازين القوى الجديدة التي تعيشها المنطقة على ضوء الأزمة السورية..
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.