قمة الحرب على داعش تواجه صعوبات سياسية

عندما تبين للرأي العام الدولي و العربي الخطر القاتل الذي اصبح تنظيم الدولة الاسلامية يشكله على استقرار المنطقة ساد اعتقاد قوي في مختلف الأوساط السياسية ان التعبئة الدولية لمحاربته ستكون أسهل بالمقارنة مع التجارب الامريكية السابقة لشن حرب دولية على الإرهاب عبر تشكيلها ائتلافات دولية عسكرية و سياسية سواء تعلق الأمر بالعراق أفغانستان او ليبيا... و لان الخطر الداعشي يهدد بتغيير جغرافية المنطقة عبر استراتيجية ارهابية واضحة المعالم ...

و عشية انعقاد هذه القمة و بعد الجولات المكوكية التي قام بها وزير الخارجية الامريكي جون كيري الى المنطقة و الزيارة الخاطفة و المفاجأة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الى العراق طفت الى السطح نوعية الصعوبات التي يواجهها هذا الائتلاف الدولي العسكري و غطائه السياسي الذي تجسده قمة باريس ... أولى هذه الصعوبات واجهتها الادارة الامريكية جائتها من تركيا التي رفضت علنا الانخراط في هذا العمل العسكري المشترك ضد داعش...

السلطات التركية كانت اثارت حفيظة باريس و واشنطن و عدة عواصم عربية عندما رفضت التوقيع على البيان الختامي الذي توج لقاء جدة في العربية السعودية والذي تعهدت بموجبه عشر دول عربية محاربة تنظيم الدول الاسلامية ...و قد اثار الموقف التركي تساؤلات كبيرة حول الأسباب الحقيقة الكامنة وراء هذا الامتناع التركي...الرواية الرسمية التركية تقول ان أنقرة تراعي عبر هذا الموقف مصير رعاياها الذين يعدون بالعشرات حاليا في قبضة تنظيم الدولة الاسلامي الإرهابي ... ثاني هذه الصعوبات جسدها الموقف الايراني من هذه القمة ...فخلال زيارته للعراق استغلت السلطات العراقية حضور الرئيس فرانسوا هولاند في بغداد لإبلاغه فكرة استضافة ايران لقمة باريس و اعتبار ايران لاعبا أساسيا في الحرب على داعش ...الا ان الادارة الامريكية رفضت هذا الحضور في إيحاء الى ان الصفقة السياسية الكبيرة بين طهران وواشنطن لم تستوي بعد ملامحها...

و على خلفية هذا الاستبعاد استمرت ايران في توجيه اتهامات للولايات المتحدة و لحلفائها بالوقوف وراء خلق هذا البعبع الذي اصبح يحمل اسم الدولية الاسلامية ...ما يساهم في إذكاء شعلة النتافس الشيعي السني الذي تجسده منذ عقود المنافسة المفتوحة بين طهران و الرياض ... و عشية هذه القمة الدولية لمحاربة الإرهاب في باريس لازالت علامات استفهام كبيرة تخييم على هوية المشاركين و على الاستراتيجية العسكرية التي سيتبعها الائتلاف لمحاولة اقتلاع داعش من المنطقة او على الأقل احتواء نفوذها ...

فهل سيكتفي التحالف بقصف جوي مستمر مصحوبا بعملية تسليح كثيف للأكراد و تكليفهم بمهمة مبارزة مجاهدي داعش ميدانيا ؟؟ و في حال طالت هذه الضربات الجوية معاقل داعش في سوريا كما وعد بذلك الرئيس الأميركي بارك أوباما كيف سيتم التعايش مع فرضية ان يستفيد نظام بشار الاسد من هذه الحرب الدولية ضد الإرهاب ؟؟؟ أسئلة تبقى معلقة ساعات قليلة قبل التئام مؤتمر باريس الذي يعول عليه الجميع كفرصة ذهبية للقضاء على الأخطبوط الإرهابي الخطير الذي تجسده الدولة الاسلامية ..
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.