نجم مارين لوبين يسطع قويا في سماء فرنسا

في واقعة غير مسبوقة في تاريخ فرنسا السياسي المعاصر اظهر استطلاع للرأي انه في استطاعة مارين لوبين زعيمة اليمين المتطرف الفوز على الرئيس فرانسوا هولاند في الدورة الثانية لانتخابات الرئاسية اذا عقدت اليوم ...وقع هذا الخبر كالصاعقة على الأوساط السياسية و الإعلامية الفرنسية و جاء ليؤكد قتامة الأجواء السياسية التي تخيم على فرنسا منذ ان حقق اليمين المتطرف اختراقات سياسية في الانتخابات البلدية و الاروبية ....

مارين لوبين التي ورثت حزب الجبهة الوطنية عن ابيها جان ماري لوبين حاولت صياغة استراتيجية جديدة لهذا الحزب تبتعد  عن سياسية الحزب اللاستفزازية و العنصرية التي بنت عليها الجبهة الوطنية مجدها السياسي طوال العقود الماضية ....و جائت النتائج التي حققها الحزب في الاستحقاقات الاخيرة لتظهر ذكاء هذه الخيارات الجديدة بالرغم من ان ذلك لم يمر بدون تناقضات داخلية أدت الى شبه قطيعة بين الأب العراب و الابنة الوريثة....

الا ان جديد معطيات اليوم حول الجبهة الوطنية يرسخ بطريقة واضحة القناعة ان مارين لوبين استطاعت ان تفرض حزبها كطرف لايمكن للمعادلة السياسية الاستغناء عنه...و يعزو المراقبون ذلك الى ثلاثة إسباب رئيسة ...الاول ان الجبهة غيرت من شكل خطابها السياسي و جردته و لو صوريا من النزعة العنصرية التي كانت تطغى عليه و تشوش على مضامينه السياسية ...فالجبهة الوطنية لم تصبح ذلك البعبع المخيف الذي يهدد وصوله الى بعض مستويات المسئولية داخل المنظومة الحكومية بإشعال نار الفتنة في المجتمع الفرنسي...

العنصر الثاني الذي يشجع البعض على الاعتقاد ان امام الجبهة الوطنية و مارين لوبين فرصا تاريخية للعب الأدوار الاولى يكمن في وضع اليمين التقليدي الذي و منذ هزيمة نيكولا ساركوزي يعاني مشاكلة جمة في التوصل الى إيجاد قيادة جديدة تحمل مشعل المعارك الانتخابية المقبلة ...فاليمين التقليدي غارق في حروب طاحنة بين قياداته ...المواجهات اليومية لزعمائه و نشرهم لغسيلهم الداخلي امام الرأي العام الفرنسي تعطى صورة سلبية على قدرته في تجسيد البديل لليسار الحاكم ...فعائلة اليمين تعيش حاليا على وقع مسلسل عودة نيكولا ساركوزي في دور الرجل المعجزة الذي سينقذها من تناقضاتها و يساعدها على العودة الى الحكم ...

العنصر الثالث الذي يساهم في ان يسطع نجم مارين لوبين قويا في سماء فرنسا اليوم يستمد قوته من الادارة التي يصفها المراقبون بالفاشلة للرئيس فرنسوا هولاند لقضايا فرنسا السياسية و الاقتصادية ..فالازمات المتتالية التي يعيشها الرئيس الفرنسي انطلاقا من التناقضات الداخلية لليسار التي توجت باستقالات مدوية مرورا بالفضائح السياسية التي كشفها كتاب الصديقة السابقة للرئيس هولاند فاليري تريرفيلر وجهت ضربات موجهة لمصداقية الحكم الاشتراكي ...لدرجة ارتفعت أصوات في المشهد السياسي الفرنسي تطالب بحل البرلمان و الدعوة الى انتخابات مبكرة ...

اليمين الذي يعيش صراع قيادات تشل حركته ...و اليسار الذي يعيش فقدان مصداقية لم يسبق لها مثيل يمنح اليمين المتطرف آمالا في ان يصل الى المسئولية عبر صناديق الاقتراع كتعبير عن غضب و خيبة أمل الفرنسيين في طبقتهم السياسية الحاكمة التقليدية.
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.