فرانسوا هولاند في كمين الشرق الأوسط


يجد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولا ند نفسه اليوم في  وضع سياسي لا يحسد عليه. فهو منذ أن أصدرا بيانه التضامني الأول مع العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة دون الإشارة بكلمة واحدة إلى الضحايا المدنيين الفلسطينيين و هو في  عين الزوبعة ...صحيح ان البيانات و المواقف التي صدرت بعد ذلك عن قصر الاليزي او وزارة الخارجية الفرنسية حاولت تصحيح هذا الموقف الأولي و منحه توازنا اكبر بين ضرورة الحفاظ على امن إسرائيل و ضرورة حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة لكن ذلك لم  يرفع اللبس تماماً على مقاربة قصر الاليزيه لازمة غزة...

  و ما زاد الأمور تعقيدا و أعطاها أبعادا سياسة فرنسية داخلية القرار  بمنع تظاهرة يوم السبت الماضي التي كانت ترمي إلى التعبير من طرف جمعيات و أحزاب و مواطنين  فرنسيين عن تضامنهم مع المحنة التي يمر بها شعب غزة .. و قد عللت السلطات الفرنسية هذا المنع بتخوفها من حصول أحداث شغب تهدد الأمن العام انطلاقا من موقفها الرافض لنقل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني من مشرق العالم العربي إلى الأراضي الفرنسية...و من تم الموقف المبدئي الصلب الذي عبر عنه فرانسوا هولاند بقوة عندما قال بان فرنسا ترفض استيراد تداعيات هذا النزاع الذي يهدد بإشعال فتنة طائفية في فرنسا تشكل اكبر خطر على تماسك مكوناته المجتمع الفرنسي... بالإضافة إلى خطر تشجيع الأعمال المعادية للسامية

و جاءت اعمال  العنف التي تمخضت عن تظاهرة السبت في حي باربيس   الأحد في مدينة سارسيل ضاحية باريس لتضع مبدأ منع التظاهرات المساندة للفلسطينيين على المحك..وقد أجرى المراقبون مقارنة نمطية بين  التظاهرات المرخصة لها في باقي البلدان الاروبية و على رأسها تظاهرات لندن و ما جرى في فرنسا ليتوصلوا إلى قناعة واضحة ان قرار المنع كانت له وعاقبة وخيمة و  قد اخذت كبريات الصحف الفرنسية مثل صحيفة لوموند او لببراسيون الكلمة في افتتاحيات قوية للتنديد بقرار المنع و عواقبه السلبية ...

و مع تراجع الحكومة الفرنسية عبر منح ضوء أخضر لتظاهرات الأربعاء ارتفعت أصوات تندد بنوع من الارتجالية في المقاربة الحكومية في إدارة هذه الأزمة و شكل ذلك ضغطا إضافيا على الرئيس فرانسوا هولاند ورئيس حكومته مانويل فالس و وزير داخليته بيرنارد كازنزوف و يراهن المراقبون انه في حال جرت تظاهرات الأربعاء و السبت المقبل في ظروف هادئة فسيعتبر ذلك صفعة سياسية للرئيس هولند تبين حجم الخطأ السياسي الذي ألهم قرار المنع  و سيخلق بالتالي معادلة سياسية فرنسية جديدة

يشار إلى انه و على خلفية هذه الأزمة التي وصلت شظاياها الى فرنسا أعطى الرئيس هولاند الانطباع انه تفاعل إيجابا مع مطالب المعارضة التي تقترح ان تقوم فرنسا بمبادرة تحت المظلة الاروبية تحاول من خلالها  ملء الفراغ الدبلوماسي الذي خلفه تراجع الدور الأمريكي في المنطقة و العجز العربي المزمن في تقديم إي حلول ناجعة للخروج من نفق الأزمة .
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.