نيكولا ساركوزي او عندما ينسف القضاء احلام العودة

و فرنسا مشغولة بمتابعة أشواط المونديال الشيقة و الواعدة للمنتخب الفرنسي نزل خبر وضع الرئيس السابق نيكولا ساركوزي قيد الحبس الاحترازي في مراكز الشرطة على الرأي العام كالصاعقة و تفاعل معه الشارع السياسي بشكل مدوي...قنوات الأخبار المتواصلة كسرت وتيرتها الصيفية لإعطاء الحدث حجمه التاريخي اللا مسبوق و انعكاساته السياسية الهامة و جاءت التغطية الساخنة التي تلهت وراء الخبر الملتهب و التحليل الناري لتمنح هذا الحدث كل ابعاده السياسية ...

في ذاكرة الفرنسيين السياسية المعاصرة جاءت صورة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي و هو يخرج ليلا من مركز الشرطة و يركب خلسة سيارته الألمانية لتذكرهم بصورة ليلية اخرى كان بطلها المرشح الاشتراكي السائق دومينيك ستروس كان و مسرحها ضاحية مدينة نيويورك ...و بالرغم من ان الصورتين لا تربطهما اي علاقة من ناحية نوعية الحدث الذي كان ورائهما الا ان هناك احتمال كبير ان يملكا نفس البعد السياسي على ابطالهما ..فصورة ستروس كان وأدت حظوظه في الانتخابات الرئاسية و عبدت الطريق للسيد فراسوا هولاند. و صورة نيكولا ساركوزي وهو يتلقى تهمة الفساد الموصوف و استغلال النفوذ قد تنسف حظوظه في العودة الى المسرح السياسي الفرنسي للعب الأدوار الأولى و قيادة اليمين في المعارك الانتخابية المقبلة..

وشاءت سخرية القدر او صدف الاجندات السياسية و القضائية ان يتلقى نيكولا ساركوزي هذه الضربة الموجعة و هو منهمك في الأعداد لعودته السياسية..ففي الخريف المقبل كان من المرتقب ان يقوم بعملية إنزال على حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية و يظهر للعائلة اليمينية التي بينت إنها غير قادرة على إيجاد خليفة له يتزعم اليمين في وجه اليسار الحاكم ...و كان الهدف من هذه الاستراتيجية ان يفرض نيكولا ساركوزي نفسه على مجموعته كزعيم لا خيار غيره...

المحنة التي يمر بها ساركوزي تصب في مصلحة فريقين ...الفريق الاول هو الفريق الاشتراكي الذي سيستفيد من خروج ساركوزي من اللعبة الانتخابية انطلاقا من فرضية ان اليمين لا يملك حتى الساعة بديلا جديا عنه من شانه ان يبارز بروح قتالية المرشح الاشتراكي ...و الفريق الثاني يسكن في قيادة حزب من اجل حركة شعبية حيث و منذ هزيمة ساركوزي في الرئاسيات الماضية تولدت لدى بعض الشخصيات طموحات مشروعة لقيادة اليمين و تبوأ منصب الزعيم ..هذا بالاضافة الى الرهانات الشخصية للبعض و التي تتأرجح بين انتقام و تصفية حسابات ...

وعلى خلفية هذه الاحداث المتسارعة يجمع المراقبون على طرح هذا السؤال على مختلف الواجهات الإعلامية هل هي نهاية نيكولا ساركوزي السياسة ام ان الرجل يملك القدرات الداخلية لكي يتجاوز هذه العقبات و يعود الى الأدوار الاولى..المتعاطفون مع ساركوزي يذكرون بماضيه المليئ بالمعارك السياسية و بقدرته على الخروج من المآزق اما الآخرون فيؤكدون على صعوبة الخروج من الكمين القضائي الذي وقع فيه ساركوزي بسبب الفضائح المتعددة التي تلاحقه منذ سنوات.
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.