جون كيري و جولة الأهداف المستحيلة

  بالرغم من ان جون كيري وزير الخارجية الامريكي عود المراقبين و الصحافيين بجولاته المتعددة و المكوكية في الشرق الأوسط لمحاولة نزع فتيل الازمة و التوثر في الملف الاسرائيلي الفلسطيني دون تحقيق اي تقدم يذكر الا ان هذه الجولة التي يقوم بها حاليا في الشرق الأوسط و اروبا و عمودها الفقري اللازمة العراقية تستقطب الأضواء على أمل ان تتمخض عن نتائج إيجابية و قرارات هامة تجنب المنطقة ويلات الكابوس الذي أشرت اليه الاختراقات العسكرية التي حققتها داعش في المناطق السنية العراقية...

من القاهرة الى العراق مرورا بالأردن لم يترك جون كيري عاصمة نافذة الا و استمع لتقييم مسئووليها لما يجري حاليا في العراق الذي تنبئ فيها كل المؤشرات على قرب اندلاع حرب شيعية سنية تكون عواقبها الأولية تقسيم العراق الى ثلاث كانتونات متناحرة ...صعوبة جولة كيري في المنطقة انه لا يحمل في جعبته حلولا سحرية يمكن ان توقف الخطر الداعشي الذي يهدد المنطقة ...ففي جوابه على طلب المساعدة العسكرية التي بلورها رئيس الحكومة نوري المالكي أكد الرئيس الامريكي باراك أوباما انه لن ينشر قوات عسكرية جديدة في العراق و اكتفى بوعد بإرسال ثلاثمئة مستشار عسكري لمساعدة الجيش العراقي على صد هجمات داعش ...

و قد تزامنت هذه المواقف الامريكية مع استراتيجية جديدة كشفها البيت الأبيض اتجاه وسائل الأعلام لمحاولة إقناع الرأي العام الدولي ان مايقع حاليا في العراق من تدهور أمني و احتمال اندلاع حرب أهلية مفتوحة ليس من مسئوليات باراك أوباما بل هي من تداعيات و مخلفات الخيارات السياسية و العسكرية التي اتبعها سلفه الجمهوري جورج بوش... وقد فهم ان الهدف من هذا الخيار الامريكي هو إعفاؤه من إمكانية تدخل عسكري جديد في العراق .... و تضاف الى هذه المقاربة قناعة قوية لدى القيادة الأميركية الحالية ان الحل للازمة العراقية لا يوجد في ثكنات الجيش الامريكي بقدر ما يوجد داخل الحكومة العراقية ....

و من ثم الضغوط الأميركية على رئيس الحكومة الشيعي نوري المالكي لكي يحاول دمج المكونات السنية في اللعبة السياسية العراقية ....نوري المالكي الذي اصبح تأثير القائدة الإيرانية عليه واضح المعالم تعرض لانتقاذات لاذعة من جيرانيه الخليجيين و مبطنة من الأمريكيين و الاروبين بانه يقود سياسية تلهب النعرات الطائفية و ترمي في احضان داعش مئات الشباب السني الذي يلجأ الى السلاح و العنف كتعبير عن هذا التذمر الطائفي...

جولة كيري العراقية لا تحمل في جعبتها اي حل عسكري لوقف اختراقات داعش بقدر ما تحمل تصورا مثاليا لمجتمع عراقي يتعايش في الشيعة و السنة و الأكراد و يجنب العراق كابوس الانقسام و هو مشروع سيحاول المسئوول الامريكي إقناع القيادة العراقية بنجاعته دون ان تكون لديه أدنى ضمانات من انه سينجح و ينزع فتيل الانفجار و التفكك الذي يهدد العراق و يهيئ الظروف لإنشاء دولة " جاهدستان" التي يتحدث عنها الاعلام الغربي كابشع فزاعة في المنطقة.
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.