رياح مسمومة تهب على العلاقات المغربية الفرنسية

حتى في أحلك تاريخ العلاقات الفرنسية المغربية و التي جسدها التوتر الذي ساد في تسعينيات القرن الماضي بين البلدين بين الراحلين فرانسوا ميتران و الملك الحسن الثاني على خلفية نشر كتاب" صديقنا الملك" لجيل بيرو لم تصل العلاقات بين الرباط وباريس الى حد هذه البرودة و لم يصبها صقيع بهذا الشكل يهدد بإعادة هيكلة شاملة لراوابط شهد التاريخ على استثنائيتها ..

بدأ مسلسل تدهور هذه العلاقات عندما قرر القضاء الفرنسي إرسال استدعاء و قوات شرطة الى مقر سفير المغرب في باريس شكيب بن موسى للاستماع الى مدير مراقبة التراب الوطني المغربي عبد اللطيف الحموشي بعد ان رفعت جمعية مسيحية مناضلة دعوة ضده بممارسة التعذيب على مغاربة مروا بالسجون المغربية ... هذا الإنزال الأمني الغير مسبوق في تاريخ العلاقات بين البلدين تسبب في أزمة دبلوماسية بين البلدين أدى الى تجميد التعاون القضائي بين البلدين ...

و استمر هذا المسلسل في تدهور العلاقات بين الرباط و باريس بعد ان تعرض وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار الى ما يشبه إهانة دبلوماسية عندما أرغم في مطار شارل ديكول الفرنسي على تحمل إجراءات أمنية لا تحترم وضعه الديبلوماسي كوزير خارجية ما تسبب في احتجاجات إعلامية و سياسية صاخبة جاءت من الرباط ...

و توج هذا المسلسل عندما تسربت عبر المواقع الاجتماعية اخبار مفادها ان الضابط السابق مصطفى أديب دخل بالقوة غرفة الجنرال المغربي عبد العزيز بناني الذي يتعافى في المستشفى العسكري الباريسي فآل دوكراس...و تباهى مصطفى ديب على صفحته في الفيس بوك انه انهال على عبد العزيز بناني بالسب و الشتائم ...و في تطور ملحوظ طلب السفير المغربي شكيب بن موسى استفسارا من وزارة الخارجية عن هذه الواقعة الذي وصفها المغرب "بالاعتداء المعنوي الجبان" فيما استقبل محمد ياسين المنصوري المدير العام لمديرية الدراسات و المستندات ( المخابرات الخارجية ) في سابقة هي الاولى من نوعها  سفير فرنسا في الرباط شال فري و ابلغه استياء المملكة الشديد اتجاه هذا التصرف. فيما ندد رئيس الحكومة الاسلامي عبد الاله بن كيران بهذا " العمل الاستفزازي " .

في الحالات الثلاث التي سممت العلاقات المغربية الفرنسية أبت باريس الا ان تقدم اعتذارا رسميا و شرحا بسيطا لهذه التصرفات ...في قضية عبد اللطيف الحموشي رفعت باريس شعار الفصل بين السلطات القضائية و التنفيذية لمحاولة تبرير موقفها و هو منطق رفضه المغرب جملة تفصيلا ...وفي قضية وزير الخارجية صلاح الدين مزوار عللت الدبلوماسية الفرنسية عدم أخبارها بمرور الوزير في المطار و وضعت جزءا من المسئولية على هفوات الأداء الدبلوماسي للسفارة المغربية وفي قضية الجنرال بناني تأسفت باريس لهذه الحدث علما ان المستشفى العسكري اصبح ممرا تاريخيا لشخصيات نافدة تأتي للعلاج في فرنسا...

تأتي كل هذه المؤشرات لتركز القناعة ان شيئا ما و هو مزيج من السلبية و العدمية اصبح ينخر العلاقات المغربية الفرنسية و يذهب بها بعيدا في النفور و الجفاء في وقت كانت العلاقات بين البلدين يضرب بها المثل إقليميا في متانتها الاستراتيجية و نموذجا في التعاون السياسي و الاقتصادي و العسكري...و يجمع المراقبون على الاعتبار ان الوقت حان لكي ياخد مسئولو البلدين بزمام الأمور و يمنعونها من الانزلاق الى قطيعة باردة قد تترتب عنها عواقب وخيمة على جميع المستويات ...
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.