هل تكرس داعش شهر العسل الامريكي الإيراني ؟

  تسببت الاختراقات العسكرية التي حققتها حركة داعش في العراق في أحداث هزة سياسية و دبلوماسية قوية . لازالت إصداؤها تحرك مراكز القرار الأمني و السياسي الدولي ...الازمة العراقية كانت تعيش في ظل اشتعال الجبهة السورية و تعبئة المجموعة الدولية و لاعبين إقليمين نافدين للإطاحة بنظام بشار الاسد....و ها هي الان تستحوذ على على انشغالات المجموعة الدولية و تجعل من العراق كابوسا أمنيا يهدد المنطقة بكاملها

... صحيح ان حركة داعش و لدت في العراق كردة فعل على تداعيات الاحتلال الأميركي وتفكيك نظام صدام حسين لكنها انتعشت بصورة قوية مع اندلاع الازمة السورية ...و اصبح ما كان يشبه عشا إرهابيا محلياً يقاتل في بؤر محدودة تهديدا إرهابيا إقليميا و دوليا...هي صورة معقدة حاول الاعلام الغربي الغوص في ابعادها و رموزها ...داعش التي أصبحت قواتها تهدد بغداد اليوم تستمد قوتها و جبروتها من الدعم العربي و الغربي الذي استفادت منه عندما أدرجتها قوات إقليمية على قائمة المنفدين الفعليّين لعملية الإطاحة بنظام بشار الاسد و جندتها لهذه المهمة و أغرقتها بأحدث التجهيزات العسكرية و المساعدات المادية .

وقد طرح العديد من المراقبين ملامح هذا التناقض الأمني الدولي . فكيف يمكن ان يعول على داعش في سوريا و تقدم على انها تخدم أجندة إيجابية تشتهيها المجموعة الدولية و تحارب في العراق و تصور على انها أخذت مكانة القاعدة في مخيلة الاعلام الغربي و العربي . داعش الصديقة بين قوسين و الحليفة الأمنية في سوريا هي نفسها داعش العدوة في العراق و التي يجب محاربتها حتى اخر رمق ..صحيح انه في طريقة تعاملهم مع الازمة السورية حاول الغرب و العرب اخراج داعش من الصورة و محاولة تحجيم و تقزيم دورها.... لكن دون ان يرفع ذلك اللبس الذي يلف مصير داعش و الان و بالرغم من كل التساؤلات التي تخيم حول خلفيات الاختراقات العسكرية التي حققته داعش في العراق تلقى الرئيس براك أوباما تداعيات الازمة العراقية كتأثير ارتدادي عكسي لم يكن يضعه في الحسبان هو الذي اختار ان يسحب القوات الامريكية من المسارح العالمية المتوترة و امتنع عن إرسالها على حلبات عسكرية جديدة ...

الجميع ينتظر حاليا نوعية الرد الذي يمكن ان تقدمه الادارة الامريكية لمعالجة هذا الوضع العراقي الخطير ...تدخل عسكري ؟ قصف جوي ؟ ... و هو يفكر في رسم هذه السياسة تلقى الرئيس أوباما مساعدة مفاجأة و مثيرة للانتباه من ايران لم يستبعد الرئيس الايراني حسن روحاني تقديم مساعدات للولايات المتحدة اذ قررت التدخل ضد الجهاديين في العراق و تبين انها تحارب المجموعات الارهابية ... هذا الاقتراح الإيراني أعاد الى الأذهان التقارب الإيراني الأميركي الذي تم على خلفية التفاهم الاستراتيجي حول ملفين أساسين النووي الإيراني و الكيمياوي السوري ...و جاءت داعش لتكريس بطريقة او باخرى شهر العسل بين طهران و واشنطن في وقت أنزلت فيه عاصمتان نافدتان في المنطقة، الإسرائيلية و السعودية ،بكل تقلهما لإقناع الادارة الامريكية بتوجيه ضربة عسكرية لإيران ...و لا شك بان هذه الدول تنظر بنوع من الريبة و الحذر الى مرحلة الغزل السياسي بين الأميركيين و الإيرانيين الذي فرضته اختراقات داعش في المنطقة
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.