نيكولا ساركوزي و العودة المستحيلة ؟

بعد هزيمته في الانتخابات الرئاسية امام فرانسو هولاند كان نيكولا ساركوزي استقطب الأضواء بإعلانه اعتزاله النسبي للعمل السياسي و ابتعاده عن المشهد لفترة تسمح له بالتفكير جليا في أسباب الهزيمة و استخلاص العبر منها..و كان الرجل مقتنعا تماماً ان الفرنسيين سيلجئون اليه بعد فشل الاشتراكيين في الحكم وانه سيبقى بالرغم من هزيمته رجل الحقبة الصعبة منطلقا من قناعة قوية ان خلفه الاشتراكي فرنسوا هولاند سيفشل في إيجاد حلول تعالج أزمات المجتمع الفرنسي ...و مما كان يؤكد هذه القناعة كون اليمين الفرنسي اظهر خلافات جذرية و طاحنة في التوصل الى الاتفاق حول شخصية تحل مكان نيكول ساركوزي في قيادة اليمين... و قد تابع الرأي العام الفرنسي باهتمام كبير أشواط المعركة القاتلة التي دارت أطوارها بين جان فرانسوا كوبي و فرانسوا فيون على قيادة حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية ...و كان نيكولا ساركوزي ينظر الى هذا الصراع على انه دليل إضافي ان الحزب لا يمكن ان يستغني عليه كشخصية قيادية..و في هذا الإطار يجمع المراقبون على الاعتبار ان ضراوة هذه المعركة بين أقطاب الحزب تركت الأمل كبيرا لينكولا ساركوزي بان عودته الى قيادة عائلته السياسية ستكون ضرورة حتمية لا مفر منها ...و انطلاقا من هذا التحليل ابتعد نيكولا ساركوزي عن المشهد الاعلامي و حاول ان ينظم ظهوره بطريقة ذكية وعبر لقطات تنور الرأي العام الفرنسي عن سير حياته بعيدا عن العمل السياسي و أضوائه الإعلامية ...فقد ظهر مرارا الى جانب زوجته المغنية كارلا بروني التي عادت الى ممارسته الغناء بعد ان كانت اعتزلته بسبب وضعها كسيدة فرنسية أولى. و كادت الأمور ان تبقى على هذه الوتيرة لو لم تنفجر فضيحة الفواتير المزيفة في قضية بيكماليون في إشارة الى أصدقاء جان فرانسوا كوبي الذين استفادوا من علاقاتهم معه لكي يربحوا أموالا طائلة ...و من بين انعكاسات هذه الفضيحة الجانبية انها أظهرت ان هذه الفواتير استعملت أيضاً لتصحيح هفوات تمويل الحملة الانتخابية لينكولا ساركوزي لعام ألفين و اثنا عشر و التي كانت وجهت له انتقاذات حول الأموال الطائلة و الغير قانونية التي صرفت في هذه الحملة ...و مما زاد الأمور تعقيدا ان حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية نظم حملة لجمع تبرعات و طلب من المواطنين الفرنسيين المتعاطفين معه المشاركة في ما قدم كمجهود لانقاذ الحزب من الإفلاس .... و على خلفية هذه الأزمة أرغم فراسوا كوبي على الاستقالة و وضع الحزب تحت قيادة ثلاثية مكونة من ثلاث رؤساء حكومة سابقين ومهما فراسوا فيون و الان جوبي و جان بير رافران ... و مع اندلاع هذه الازمة أصبحت حظوظ عودة نيكولا ساركوزي ضئيلة جداً بالمقارنة مع الزخم الذي كان يتوقعه أصدقاؤه عند يحين وقت الإعلان عن تاريخ العودة ...و خير دليل على الان الأمور مرشحة لمعرفة تطورات سريعة التصريحات التي أدلى بها احد المقربين من ساركوزي بريس اورتوفو عندما أكد في حوار مع جريدة لوموند ان عودة ساركوزي أصبحت ضرورة ملحة و الموقف الافت الذي عبر عنه احد اكبر المنتقدين لساركوزي دومينيك دوفيل بان عندما أقر بان ساركوزي من بين الشخصيات القلائل التي تملك قدرة جمع صف اليمين المتشرذم .
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.