بوتفليقة ..السيسي ..الاسد .. ربيع الديكتاتوريات الرئاسية



مع عقد الانتخابات الرئاسية السورية و للإعلان رسميا عن نتائج الانتخابات المصرية  ينتهي مرحليا مسلسل من الانتخابات الرئاسية عرفتها عدة بلدان عربية و تميزت بتركيز دعائم الحكم الدكتاتوري المنفرد...غرابة  هذا الوضع السياسي ان هذا الامر يأتي في خضم زوبعة ربيع عربي كسر النظام القديم و هيئ الظروف لولادة عهد جديد يحمل شعار إرساء الديموقراطية و دولة القانون يحترم الحريات الفردية و العامة و يجعل من المواطن العربي يتمتع بكافة الحقوق التي تضمنها المواثيق الدولية ....

وفي قراءة للوضع السياسي العربي يبدو جليا ان الاتجاه الذي تأخذه الاحداث يسير نحو استعادة السيطرة على الأمور من طرف رموز النظام القديم  تخوفا من ان تتمخض تجربة بلدان الربيع العربي على أنظمة إسلامية حاكمة .... نقطة الانعطاف جائت من مصر عندما قررت المؤسسة العسكرية وقف المسلسل الديموقراطي و القاء القبض على الرئيس المنتخب محمد مرسي و وضع حد لحكم الاخوان المسلميين بتهمة تهديد مصالح البلد العليا ...مصر نظمت بعد ذلك انتخابات رئاسية كان الرجل القوي الماريشال  السيسي يريدها استفتاء على مشروعه الإنقاذي بين قوسين ...و جند لهذا الهدف موارد هائلة من اجل إقناع المصريين بان مشروعه السياسي يحظى بشعبية مصرية واسعة .... و جاءت  هذه الانتخابات التي قاطعها المصريون ...خصوصا الشباب منهم  مخيبة للآمال لان للمصريين أعطوا الانطباع انه بالرغم من هذه  الحملة القوية لا يريدون منح السيسي شيكا على بياض .

التجربة الثانية  التي أكدت هذا الاتجاه السلطوي المنافي لمبدأ التغيير و الديموقراطية كان مسرحها الجزائر فالرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي كانت كل المؤشرات السياسية و الصحية تفرض عليها  ضرورة ان يترك العمل السياسي و يتقاعد ابى الا ان يخوض غمار العهدة الرابعة و هو ينظر الى ضيوفه بعيون جاحظة أنهكها المرض  و ينتقل فوق كرسي متحرك ...وبذلك يكون عبد العزيز بوتفليقة الذي كان ينظر أصلا بعين من الشك و الحذر الى عواصف الربيع العربي التي هبت على المنطقة قد اجل لسنوات طويلة مسلسل إرساء الديموقراطية في بلد كالجزائر .

اما التجربة الثالثة التي  تؤكد صمود النظام الديكتاتوري العربي امام تحديات ثورية داخلية و انتقاذات خارجية مصحوبة بمحاولة تغيير بالقوة  تجري في سوريا... فبعد ثلاث سنوات من الحرب الأهلية و العزلة الدولية ينظم بشار الاسد انتخابات رئاسية سيحاول من خلالها احكام قبضته على اللعبة السياسية السورية .هذه الانتخابات وصفها وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بالمهزلة المأساوية  لان السوريين يملكون الخيار بين بشار وبشار ... كما في مصر كما في الجزائر استغل بشار الاسد الفزاعة الاسلامية المتشددة  لكي يفرض نفسه على السوريين و المجموعة الدولية و ليؤكد ان البديل له سيكون منح مفاتيح السلطة  في سوريا  لتنظيم القاعدة و إقامة إمارة إسلامية قي دمشق.

غرابة الوضع تأتي من ان  هذه التطورات العربية جاءت في الوقت الذي عرفت فيه الساحة السياسية الاسبانية حركة ملحوظة و نقلة نوعية عندما قرر الملك الإسباني خوان كارلوس التخلي عن مقاليد  الحكم لابنه فليبي السادس ...و لعل في ذلك عبرة أساسية و عميقة حول ممارسة الحكم  والتعلق  بالسلطة المنبثقة من ثقافة أينعت استبدادا او تداولا سلميا.و هنا بيت القصيد بين دول تمارس الديموقراطية و اخرى تحلم بها .
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.