زلزال فرنسي و صفعة لفرانسوا هولاند

اهتزت ركائز الطبقة السياسية الفرنسية على وقع الاختراق الانتخابي الذي حققته الجبهة الوطنية المتطرفة بزعامة مارين لوبين في الاستحقاق الاروبي ...و بالرغم من ان معظم معاهد استطلاعات الرأي تنبأت بهذه النتيجة الا ان انعكاساتها أشعلت الجدل السياسي في فرنسا و دفعت بالمراقبين الى استخلاص عبر قد تغيير رأسا على عقب المعادلة السياسية الفرنسية و يجمع المتتبعون على الاعتبار ان موازين القوى لن تتغير جذريا بسبب هذه النتائج التي حققها التيار الشعبوي على المستوى الاروبي الا ان ظهور الجبهة الوطنية كأول حزب فرنسي في سابقة تاريخية يفرض على المشهد السياسي الفرنسي اعادة هيكلية الأولويات ...و قد وعى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بهذه الحقيقة و من تم اجتماع أزمة الذي عقد في قصر الاليزي لمحاولة استخلاص العبر و من تم أيضاً النبرة الدراماتيكية التي استعملها رئيس الحكومة مانويل فالس في تعليقه على اختراق الجبهة الوطنية لم تبق في أيدي فرانسوا هولاند أوراقا سياسية ثمينة يستعملها لمحاولة إطفاء شعلة هذا الامتعاض الشعبي الذي سمح لليمين المتطرف ان يتصدر نتائج هذا الاقتراع ... ففي جوابه على الرسالة العقابية التي وجهها له الفرنسيون خلال الانتخابات البلدية استغنى فرانسوا هولاند على رئيس حكومته جان مارك ايرولت و لجأ الى خدمات مانويل فالس الوزير الأكثر شعبية في الحكومة ...وكان هناك اعتقاد سائد بان هذا الخيار سيخفف من وطأة الهزيمة التي كانت معظم استطلاعات الرأي تتوقعها للحزب الاشتراكي .... ما ذا عسى فراسوا هولاند ان يفعل الان ?? ان ينحني و يترك العاصفة تمر ؟ ان يعيد النظر في مقاربة فرنسا الاروبية ؟ هناك من زعماء الحزب الاشتراكي من يعتقد ان هذه الصدمة القوية التي تعرض لهذا الحزب الاشتراكي قد تتحول الى ظاهرة إيجابية بالنسبة للاستحقاقات المقبلة ...فمعروف ان هذه النتائج التي حققها حزب مارين لوبين هي نتيجة مباشرة لعزوف جماهير الفرنسين المتعاطفين مع اليسار عن الانتخاب و مقاطعتهم لصناديق الاقتراع كتصرف عقابي لسياسية فرانسوا هولاند الاقتصادية ... و يراهن البعض على احداث صدمة مماثلة لتلك التي أصابت المشهد السياسي الفرنسي في الواحد و العشرين من نيسان افريل عام ألفين و اثنين عندما استطاع جان ماري لوبين والد مارين لوبين ان يتأهل الى الدور النهائي للانتخابات الرئاسية ليواجه الرئيس جاك شيراك ....هذا الرهان ينطلق من ارضية و قناعة راسخة بان الفرنسيين لن يسمحوا نهائيا لحزب مثل الجبهة الوطنية المتطرف ان يتبوأ المناصب الحكومية الأولى... تبقى الإشارة الى ان الرابح الأكبر في هذا الاستحقاق هو شخص مارين لوبين التي استطاعت من خلال تجربتين انتخابيتين االبلدية و الاروبية ان تفرض حزبها الذي كان منبوذا ايام والدها كقوة سياسية لا يمكن تجاهلها او تجاوزها في اي معادلة سياسية فرنسية مقبلة ..
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.