بشار الأسد بين استقالة الإبراهيمي و اجتماع أصدقاء سوريا

بشار الأسد بين استقالة الإبراهيمي و اجتماع أصدقاء سوريا
مصطفى الطوسة

عندما يرصد الرئيس السوري بشار الاسد حصيلة السنوات الثلاث التي مرت بها الازمة السورية لا يستطيع اخفاء ارتياحه الخاص بالرغم من حجم الدمار الذي لحق بالمجتمع السوري بين قتلى تحصى بعشرات الآلاف و مشردين بالملايين و خسارات  مادية في البنيات التحتية لا تقدر قيمتها...فهو ينظر بلا شك الى هذه الحصيلة من مقاربة صمود نظامه امام الهجمات التي كانت تهدف الى الإطاحة به و تجعله يقتفي  خطى التونسي بن على او المصري حسني مبارك او الليبي معمر القذافي ...

و هاهو الان يتحدى العالم عبر تنظيم انتخابات رئاسية  يرمي من ورائها حيازة شرعية تقوي موقفه امام العالم الذي يطالب بشبه إجماع باستتناء الروس و الإيرانيين برحيله عن الحكم.. و تتزامن هذه الحقبة التي يعيشها النظام السوري مع اختراقات عسكرية حققها جيشه ضد المعارضة السورية المسلحة ...وكان الحدث الرمزي الذي جسد في مخيلة الرأي العام الدولي هذا الانتصار هو ان انسحاب قوات المعارضة من معقل مدينة حمص التي كانت تعتبر قي أدبيات هذه  المعارضة بمثابة عاصمة الثورة...

و يعزو المراقبون وضع الرئيس بشار الاسد الى سببين أساسيين .الاول هو الخيار الاستراتيجي الذي اتخذته إدارة الرئيس الامريكي باراك أوباما بعدم اللجوء الى الخيار العسكري للإطاحة بالنظام السوري ...هذا الموقف منح بشار الاسد فرصة المناورة تحت مظلة موسكو من اجل تمديد عمره و المفاوضة على بقائه  و كانت الترسانة الكيمياوية السورية الورقة التي لعبها بشار الاسد من اجل تهدئة الضغط الدولي المتزايد عليه.

و العنصر الثاني يكمن في الاسثمارات التي قدمتها دولتان خليجيتان هما قطر و العربية السعودية  لمجموعات إسلامية متطرفة على علاقة مع تنظيم القاعدة الإهابي ...و قد لعبت هذه الخطوة الخليجية دورا هام في المصادقة إعلاميا و سياسيا على المزاعم السورية بان نظام بشار الاسد لا يواجه معارضة سورية تتوق لإرساء الدموقراطية بل يخوض حربا ضد المجموعات الارهابية المتطرفة التي تضع على أولوية أجندتها فرض نظام إسلامي ظالمي  متشدد في دمشق ....و ما زاد من مخاوف المجموعة الدولية كون هذه الازمة السورية بمقاربتها الجهادية بدأت تستقطب عددا كبيرا الشباب الاروبي و العربي الذي حول سوريا الى قبلة الجهاد العالمي .. و قد أعادت الى الأذهان هذه التجربة الكابوس الأفغاني الذي تسبب في موجة غير مسبوقة من العمليات الارهابية عبر العالم ....

و اليوم وصلت الازمة السورية الى منعطف هام تؤكده مؤشرات عديدة  ...فقد استقال الموفد الأممي و العربي للازمة السورية الاخضر الإبراهيمي في خطوة تجسد عجز المجموعة الدولية  في التعامل مع الازمة السورية و فشلها في إرساء إطار سياسي و ديبلوماسي لإيجاد حل للازمة السورية و كأن الامم المتحدة و الجامعة العربية يشهران فشلهما في التوصل الى تسوية سياسة...و المؤشر الثاني يخص الظروف التي ينعقد فيها اجتماع أصدقاء سوريا في لندن ...عنوان المرحلة ان هؤلاء الأصدقاء مرغمون على اعادة النظر في نوعية الدعم الذي سيقدم لهذه المعارضة ...من الحديث عن دعم عسكري لوجستي ...عاد الحديث عن دعم معنوي و إنساني و كان المنعطف الحقيقي هو التخلي عن السلاح الذي وعدت به هذه المعارضة السورية...و التركيز على العمل الإنساني و الضغط السياسي على نظام دمشق...   
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.