فرانسوا هولاند بين انهيار اليسار و أزمة اليمين

 

هناك مقولة شعبية تؤكد ان فرنسا تملك اغبى حزب يميني في العالم  انطلاقا من إرث سياسي مليئ بالهفوات و القرارات الخاطئة...لكن هناك ايضا واقع سياسي يسمح لهذا الحزب و لشخصياته و رموزه ان تبقى في المعركة الانتخابية و تشكل بديلا لليسار الحاكم  بالرغم من كل هذه العيوب ...و ما وقع مؤخراً في الفضيحة السياسة التي جمعت رئيس الحكومة الأسبق فرانسوا فيون بالأمين العام لقصر الاليزي جان بير جويي يدخل في خانة هذه الأحداث التي تقلب الموازين و تغيير المعادلات ...

جان بير جويي كان كشف لصحيفة لوموند الفرنسية ان فرانسوا فيون المنافس الاول لزعيم اليمين نيكولا ساركوزي طلب من اليسار الحاكم ان يسرع في وتيرة التحقيقات القضائية في مختلف القضايات فضائح الفساد السياسي  التي تورط فيها  ساركوزي بهدف منعه من العودة الى المشهد السياسي و ابعاده نهائيا عن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة سواء تعلق الأمن بمعركة الانتخاب في رئاسة حزب من تحل حركة شعبية او تبوأ منصب مرشح اليميني للانتخابات الرئاسية المقبلة ...

و قد كان لهذه القضية تداعيات سياسية قوية على المشهد الفرنسي اذ وصفها البعض بالفضيحة السياسية ذات العيار الثقيل التي يمكن ات تغير مجرى الأحداث .و تمس هذه التداعيات ثلاث مستويات أساسية .الاول  له علاقة مباشرة بنيكولا ساركوزي. فماكان أصلا معضلة عند العائلة اليمينية التي وجدت صعوبة كبيرة في إيجاد قيادة جديدة حيث كانت بعض مكوناتها ترفض عودة نيكولا ساركوزي تحول عبر هذه القضية الى  شبه مؤامرة مقرها قصر الاليزي و هدفها نيكولا ساركوزي ... فالقنبلة السياسية التي كان من المفترض ان تفجر اليمين انفجرت داخل اليسار و قد ترغم الرئيس فرانسوا هولاند على التضحية بصديقه جان بير جويي  في خطوة ستكرس انهيار مصداقية اليسار الحاكم ...

المستوى الثاني يخص المعارك الداخلية  لليمين. ففي الوقت الذي كان فيه نيكولا ساركوزي يجد صعوبة كبيرة في فرض اسمه على  حزبه كزعيم أوحد جاءت هده الفضيحة لتظهره في شكل الضحية التي يخافها الجميع لدرجة ان يتحالف منافسه  فرانسوا فيون مع رجال  قصر الاليزي من اجل إيقاف مسيرة عودته الى الحلبة السياسية ...و قد يستغل نيكولا ساركوزي هذه الوضعية لتسويق نفسه على ان الرجل الذي لديه القدرة على هزم اليسار...

المستوى الثالث  يطال اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبين ...فاستطلاعات الرأي تؤكد  جميعها فرضية تواجد مارين لوبين في الدورة الثاني للانتخابات الرئاسية المقبلة سواء نافسها في ذلك نيكولا ساركوزي او فرانسوا هولاند. و معروف ان اليمين المتطرف الفرنسي بنى مجده السياسي ومصداقيته على المستوى الشعبي  على الانتقاذ المزدوج لليمين و اليسار و اتهامهما بالتواطؤ لخذل الفرنسيين ... و يؤكد زعماء اليمين المتطرف هذه الفضيحة جاءت  لتعطي للراي العام الفرنسي على هذا التقاطع في المصالح...           
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.