البحث عن مشروع لإنقاذ البيت الاوروبي

البحث عن مشروع لإنقاذ البيت الاوروبي 
مصطفى الطوسة

دخلت القيادة الأوروبية في صراع مع الزمن لمحاولة إنقاذ المشروع الاوروبي من الإشكاليات الجوهرية التي تسبب فيها خروج بريطانيا. الصدمة كانت قوية وغير منتظرة بالرغم من كل ما كتب وقيل اعلاميا في الموضوع. فالقيادة الأوربية التي يقودها المحور الفرنسي الألماني لم تكن تتوقع ان البريطانيين سيختارون فرضية الطلاق مع أوروبا حيث تبين ان الجميع كان يراهن على ان البريطانيين سيفعلون منطق العقل والمصلحة العليا لبلادهم قبل زجها في المجهول. وخير دليل على ذلك بحسب المراقبين ان المنظومة الأوروبية التي قررت لندن مغادرتها لم تهيئ خطة بديلة يكون لها مفعول فوري لإيجاد مخرج للازمة ويحمي المشهد الاوروبي من ارتدادات سلبية وتساؤلات وجودية. وقد أعطت التصريحات الأولية لكل من باريس وبرلين وبروكسيل انطباعا بالارتجالية اذ طفت على السطح ما يشبه بنبرة التناقض بين المقاربة الفرنسية والألمانية.

فرنسا وعلى لسان رئيسها فرانسوا هولاند رفعت شعارا واضحا الملامح لمعالجة هذا التطور. واقترحت أن تطبق فورا آلية الطلاق بين بريطانيا والاتحاد الاروبي بينما فهم من همسات المستشارة الألمانية انجيلا مركل إرادة في التريث وعدم اتخاذ قرارات تحت الصدمة والاستعجال. ولكل بلد دوافعه وخلفياته لاتخاذ هذه المواقف. فرنسا تريد ان تبعث الى باقي العواصم الاروبية رسالة حازمة مفادها ان الخروج الطوعي من الاتحاد الاروبي له ثمن يجب أداؤه لكي لا يفهم ان الخروج و الطلاق مسألة سهلة و في متناول الجميع تمر دون عواقب. والرسالة الفرنسية موجهة أساسا الى الدول الأعضاء مثل النامسا وهولاندا وفرنسا التي استلهمت فيها قوى متطرفة تداعيات البريكست   للمطالبة بتنظيم استفتاءات لمعرفة ماذا كانت هذه الشعوب تريد البقاء داخل الاتحاد الاروبي او الخروج منه. موقف فرنسي يهدف الى منع عدوى وهستيرية الخروج من الاتحاد الأوروبي الى دول اخرى اما انجيلا مركل فقد أشار بعض المراقبين الى ان موقفها المتردد مصدره تخوف ألماني من ان تسبب خطوات قوية في هزات تكشف مدى فشل القيادة الألمانية في إدارة القضايا الاروبية بدأ بفرض سياسية تقشف مرورا بإدارة أزمة اللاجئين عبر صفقة تاريخية مع تركيا.

المحور الألماني الفرنسي الذي يعتبر بمثابة القلب النابض لأوروبا ومحركها السياسي والاقتصادي يحاول وقف نزيف الاوروفوبيا الذي قد يجد في البريكست مؤشرا لإنعاش اماله عبر بلوة مشروع أوربي جديد مكون من أربع أولويات. الاولى ضمان الأمن الداخلي والخارجي للاتحاد والثانية العمل على إنجاز اقتصاد قوي مع تماسك اجتماعي صلب بالإضافة الى صياغة مشاريع طموحة لخدمة الشباب. وفد اتفقت الدول المؤسسة للاتحاد الاروبي على اتخاذ هذه المبادئ كأرضية لصياغة مشروع أوروبي جديد يعيد أمل وثقة الأوروبيين في بيتهم الموحد
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.