هل استخلصت العبر من اعتداءات بروكسيل ؟

هل استخلصت العبر من اعتداءات بروكسيل ؟
مصطفى الطوسة

يتطلع الرأي العام الأوروبي لمعرفة ما إذا كانت دول الاتحاد الأوروبي استخلصت العبر من الهجمات التي ضربت بروكسيل و أنها في طور صياغة سياسة جديدة لمحاربة الإرهاب على المستوى الداخلي و الخارجي  ...  علما أن تلك التي  استهدفت باريس شهر نوفمبر الماضي  مرت بدون ان تتخذ الإجراءات اللازمة  للبحث و تفكيك الخلايا و منعها بالقيام بعمليات ارهابية أخرى بحسب ما يقوله خبراء في هذه القضايا . ما دفع بالقيادة الفرنسية بالمطالبة بتكثيف التعاون ألاستخباراتي و التنسيق الأمني  بين الدول الأوروبية  غداة اعتداءات بروكسيل..

المطالبة الفرنسية جاءت في شكل إقرار و اعتراف ضمني من طرف باريس بوجود فراغ و هفوات في سياسية الأوروبيين في حربهم على الإرهاب سواء تعلق الأمر بتبادل المعلومات الأمنية او على صعيد تنسيق السياسات لمحاربة الإرهاب  . و قد وصف البعض النموذج البلجيكي على انه البطن الرخو في المنظومة الأمنية الأوروبية فيما سارع آخرون بتوجيه أصابع الاتهام و إطلاق صفارات الإنذار من تواجد "مولانبيكات" أخرى منتشرة في باقي الدول الأوروبية قد تفرخ خلايا إرهابية مثل تلك التي ضربت باريس و بروكسل

و تواجه هذه الدول  الأوروبية صعوبتين أساسيتين ...الأولى  تكمن في الانخراط العملي  في مشروع مؤسسة أمنية أوروبية تكون لديها كافة الصلاحيات لخوض معركة الإرهاب و تجاوز هفوات التنسيق الأمني بين الدول الأعضاء...  هذا الطموح تعارضه عدة عقبات من بينها الخلافات الجوهرية في الثقافات الاستخباراتية لكل بلد...فهل سينجح كابوس الإرهاب في توحيد الرؤى للتوصل إلى مقاربة متجانسة تسمح بتجاوز الخلافات ؟

الصعوبة الثانية تمكن في السياسات العمومية لهذه الدول من اجل محاربة الخطاب المتطرف الذي يستقطب هؤلاء الشباب القادمين في معظمهم من عوالم الجريمة المنظمة والذي يتم تجنيدهم في مشاريع إرهابية ...فرئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس أعلن أن فرنسا تخوض حربا من نوع خاص معترفا أنها كانت متسامحة نسبيا مع الخطاب السلفي الذي ساهم بشكل كبير في تهيئة الأجواء و  نشر و احتضان الخطاب المتطرف ... ففي بلدان أصبح فيها البعض يشير علنا إلى تواجد بيئة حاضنة على التراب الأوروبي  لهذا الفكر الجهادي فيما يستعمل آخرون تعبير الطابور الخامس لإذكاء الخوف وزرع الهلع في المجتمعات الغربية  يتوجب على هذا الدول بالإضافة إلى التنسيق الأمني بلورة خطاب و مقاربة دينية تسمح للجاليات المسلمة بممارسة شعائرها بكل هدوء و طمأنينة مع إقامة سد منيع أمام الخطاب الدعاشي الإرهابي ...

تجد الدول الأوروبية التي تئن أصلا تحت وزر أزمة اللاجئين المستعصية  في وضع حرج  وفي مفترق الطرق حاد و أمام خيارات أمنية وسياسية صعبة و حاسمة . فصلابة البيت الأوروبي الموحد أصبحت مرهونة بخيارات سياسية و أمنية أصبح من المستعجل اتخاذها و الاتفاق على تطبيقها قصد تجاوز مختلف التحديات الأمنية التي أصبحت تهدد الفضاء الأوروبي بالانهيار ...
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.