الخاسر و الرابح في الانتخابات المغربية

الخاسر و الرابح في الانتخابات المغربية
مصطفى الطوسة


بعد  إسدال الستار على الانتخابات المحلية المغربية جاء وقت الحصيلة الهادئة  والتساؤل حول الأفاق المستقبلية للمشهد السياسي المغربي..إنها أول عملية انتخابية تفعل دستور عام ألفين و احد عشر و تحاول رسم ملامح مشهد سياسي جديد عنوانه الأساسي …جهوية موسعة و سياسة قرب ترسخ  ثقافة الأداء الديمقراطي للمواطن المغربي في ظل عملية شاملة لبناء  مؤسسات صلبة تتجاوب ورياح التغيير التي تعصف بالمنطقة العربية...       

      فمن بين ابرز العبر التي يمكن أن تستخلصها من نتائج هذه الانتخابات المغربية أنها شهدت في نفس الوقت فوزا للمعارضة و انتصارا للحزب الإسلامي  الحاكم...فوز المعارضة الذي جسده الاختراق الذي حققه حزب الأصالة و المعاصرة  الليبرالي الذي كان البعض كتب عنه انه صنيعة الإدارة و  وعاء فارغا لا يملك اي عمق اجتماعي ...و فوز الحزب الإسلامي العدالة و التنمية الحاكم الذي فاجأت اختراقاته الانتخابية الرأي العام ..حيث كان البعض يتوقع تصويتا عقابيا له بعد إداراته لشئون البلاد لمدة أربع سنوات تميزت بإخفاقات على المستوى الاجتماعي و الاقتصادي كان لها صدى ...بالرغم من ذلك  تبرهن هذه الانتخابات أن الحزب الإسلامي المغربي لا يزال يحتفظ بمصداقيته لدي الرأي العام  و بقدرته أقناع الشارع السياسي المغربي بأن مشروعه لا تزال لديه قوة الإقناع و قدرة  الاستقطاب...و تؤشر هذه المعطيات ان المشهد السياسي المغربي دخل في ديناميكية ثنائية القطب السياسي بين حزبين يتصدران المواجهة السياسية المغربية .حزب الأصالة و المعاصرة الذي يقوده إعلاميا الياس العمري و حزب العدالة و التنمية الذي يتزعمه ميدانيا و سياسيا رئيس الحكومة عبد الآله بن كيران ...  ...

أما العبر الأخرى فتخص اندثار الأحزاب التي كانت تنعت بالأحزاب  الإدارية مثل التجمع الوطني للأحرار الحركة الشعبية و لاتحاد الدستوري و انهيار كامل لليسار التقليدي الممثل بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بزعامة إدريس  لشكر بالمقارنة مع اختراقات اليسار الديمقراطي عبر نجاح عمر بلافريج في الرباط    و تراجع ملحوظ لحزب الاستقلال الذي جسدته خسارة زعيمه حميد شباط في مدينة فاس المعقل التاريخي لحزب الاستقلال... بالإضافة الى ذلك كرست هذه الانتخاب فشلا مدويا  لما سمي في تسعينيات القرن الماضي بأحزاب الإدارة . ...  ...

تبقى الإشارة  إلى أن هذه الانتخابات مرت في ظروف طبيعية بحضور مراقبين دوليين و دفعت البعض الى التساؤل هل تؤشر نتائجها إلى موازين القوى داخل المشهد السياسي المغربي و هو يستعد لمعركة الانتخابات التشريعية العام المقبل في إعادة بناء المنظومة السياسية المغربية بأكملها .  فالخلاصة الأساسية لهذه الانتخابات أنها  قد تمنحنا مؤشرات حول رهانات الانتخابات التشريعية المقبلة التي ستنتج برلمانا جديدا يكمل تشيد الصرح الديمقراطي المغربي ..  فمن وجهة نظر معظم المراقبين فان  نتائج  هذه الانتخابات  المحلية  قد ترسم ملامح المرحلة المقبلة و نوعية الصراعات  داخل الخريطة السياسية المغربية  عيشة استحقاق  تشريعي حاسم  ...


Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.