ليبيا و فرضية التدخل العسكري الدولي

ليبيا و فرضية التدخل العسكري الدولي
مصطفى الطوسة

مع استمرار الباب المسدود الذي تواجهه الأزمة الليبية عادت الى الواجهة فرضية التدخل العسكري الدولي لحسم المعركة في لبييا و محاولة القضاء على المنظمات الإرهابية التي استغلت الفوضى الأمنية و السياسية لتتخذ من هذا البلد مرتعا لأنشطتها ...و تتزامن هذه العودة مع ظهور صعوبات للحوار السياسي الذي ترعاه الامم المتحدة و الذي تدور جولاته بين المغرب و الجزائر...وزير الخارجية الايطالي دق ناقوس الخطر عندما أكد ان امام هذا الحوار أسابيع قليلة لتحقيق اختراقات قبل ان تتحول ليبيا الى صومال جديدة...  

وما أعطى زخما لفرضية التدخل العسكري الدولي في ليبيا الطلب الذي وجهته حكومة طبرق المعترف بها دوليا للدول العربية للتدخل  ميدانيا والقضاء على الجماعات الإرهابية المسلحة ...و جاءت طريقة تفاعل الجامعة العربية مع هذا  الطلب و عقدها اجتماعات اسثتنائية لدراسته كمؤشر على احتمال حصول هذا التدخل ...بموزاة ذلك صدر بيان من واشنطن موقع من  الولايات المتحدة وخمسة دول اروبية فرنسا ألمانيا ايطاليا اسبانيا و بريطانيا تندد بأعمال تنظيم الدولة الاسلامية الهمجية  في لبيا...توقيت صدور البيان و الكلمات التي استعملت فيه لوصف الوضع المتأزم في ليبيا والدول الموقعة عليه يمكن ان يعطي انطباعا ان عملية تجييش الرأي العام الدولي للتحضير لضربات عسكرية ضد مواقع داعش بدأت فصولها...

فرضية التدخل العسكري في لبييا  تثير ردود فعل متباينة و مقاربات متناقضة من طرف دول الجوار و جنوب المتوسط ...ففي الوقت الذي تعارض فيه بشراسة دبلوماسية الجزائر اي تدخل عسكري دولي في ليبيا معتبرة ان ذلك سيساهم في خلق اجواء من الفوضى قد تصب في صالح  المنظمات الإرهابية و تكرس تواجد داعش في البلد ...ترى مصر من جهتها بقيادة عبد الفتاح السيسي و تجاوبا مع حكومة طبرق و زعيمها العسكري خليفة حفتر ان لا مفر من تدخل عسكري للقضاء على هذه الجماعات الاٍرهابية التي أصبحت تهدد بتمديدها امن و استقرار مصر ..

على الصعيد الأوربي يلاحظ المراقبون حماسا غير مسبوقا من طرف دول كإيطاليا و اسبانيا للتدخل العسكري الدولي في ليبيا و دلك بسبب الفوضى الأمنية التي يعيشها البلد و التي تستغلها قنوات تهريب البشر لارسال بواخر مكتظة بالمهاجرين السريين الي سواحل أوروبا الجنوبية..ما يتسبب في إخلال بالموازين الأمنية و الاجتماعية للدول الاروبية ..بينما من جهتها تتريث دول مثل فرنسا و بريطانيا التي شاركت قوتها في عملية الإطاحة بنظام معمر القذافي في الدعوة الى تدخل عسكري ...   

بين معارض شرس و مؤيد متحمس تبقى فرضية التدخل العسكري في ليبيا غير واردة في المدى القريب ..و يبقى التساؤل الذي يفرض نفسه بحدة امام المجموعة الدولية و دول الجوار ...ما العمل في حال أعلن عن فشل رسمي للحوار السياسي الذي ترعاه الامم المتحدة ..؟ كيف الطريق الى إيجاد معالجة آمنية لمستنقع ليبي  اصبح يهدد امن و استقرار المنطلقة بكاملها ؟
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.