تل ابيب في باريس ...جدل فرنسي صيفي.

تل ابيب في باريس ...جدل فرنسي صيفي.
مصطفى الطوسة


في الوقت الذي كان فيه من المتوقع أن يقضي سياح باريس عطلتهم الصيفية يستمتعون بجمال المدينة و أنشطتها الثقافية و معالمها التاريخية الأخاذة  استفاقت العاصمة الفرنسية على وقع جدل سياسي دولي  تفاعل بقوة في الإعلام  الفرنسي و داخل الطبقة السياسية ...مصدر هذا الجدل قرار بلدية باريس تحت  قيادة الاشتراكية آن هيدالكو تنظيم تظاهرة أطلق عليها اسم تل ابيب على نهر السين في إطار عملية شواطئ باريس التي تقيمها البلدية كل صيف ...اختيار مدينة تل ابيب أثار جدلا قويا في أوساط الجمعيات الفرنسية المؤيدة لحقوق الفلسطينيين حيث وصفها بعضهم بالاستفزازية خصوصا وأنها تصادف الذكرى السنوية الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة التي أودت بحياة آلاف الفلسطينيين و دمرت البنيات التحتية لقطاعهم المحاصر ...كما اعتبرت هذه الخطوة بمثابة دعم سياسي وإعلامي لسياسة الاستيطان التي تتبعها حكومة بنيامين نتانياهو اليمينية  المتطرفة ...

و قد وجدت هذه الاحتجاجات الجمعوية صدى كبير داخل الطبقة السياسية الفرنسية خصوصا في صفوف جبهة اليسار و الشيوعيين و الخضر الذين استغلوا هذه الخيارات لمحاولة احراج عمدة  مدينة باريس الاشتراكية ان هيدالكو التي دخلت هي الأخرى في عملية شد حبال مع معارضيها لمحاولة إقناعهم بصواب خطوتها معتمدة في ذلك على دعم قوي من طرف رئيس الحكومة مانويل فالس ...ان هيدالكو بررت هذه العملية بالقول "حتى في اجواء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني تبقى تل ابيب مدينة مفتوحة لكل الأقليات بما فيها الجنسية (...) و تبقى مبدعة و شاملة و باختصار مدينة تقدمية يكرهها في إسرائيل لهذا السبب كل المتعصبين"...

الجدل العنيف الذي شب في قنواة التواصل الاجتماعي حول الموضوع بين معارض شرس و مؤيد متعاطف أدى بالسلطات الفرنسية بلورة خطة أمنية تفاديا لأي مواجهات محتملة حول هذا التظاهرة .. في بلإضافة الى خطة "فيجي برات" التي تعيشها باريس بسبب التهديدات الإرهابية سخرت السلطات الفرنسية قوة من الشرطة و رجل الدرك قوامه خمسمائة رجل لحماية هذه التظاهرة من اي خطر أمني .. معارضو هذه التظاهرة سارعو الى تنظيم تظاهرة مضادة أطلقوا عليها اسم " شاطئ غزة" هدفها استقطاب الاهتمام الفرنسي للمعاناة التي يعيشها فلسطينيو غزة تحت وطأة الحصار الإسرائيلي ...

يشار إلى أن هذا الجدل الصيفي الباريسي ساهم بشكل قوي على اعادة الموضوع الأسرائلي الفلسطيني الى واجهة الأحداث الفرنسية بعدما كاد ان يختفي تماما من الاهتمامات الدولية بسبب التهديدات الإرهابية التي أصبح تنظيم الدولة الإسلامية يشكلها على استقرار العالم ..فجاءت تظاهرة تل "ابيب على نهر السين"  لتذكر الرأي العام الفرنسي ان هناك شعبا في غزة لايزال يأن تحت وطأة الحصار الإسرائيلي وقد اندلع هدا الجدل عشية عزم قيام الدبلوماسية الفرنسية  بقيادة الرئيس فرانسوا هولاند و وزير خارجيته لوران فابيوس بمبادرة داخل أروقة الأمم  المتحدة عنوانها الرئيسي محاول إطلاق ديناميكية التفاوض السياسي بين الاسرائليين و الفلسطينيين لمحاولة التوصل إلى حل نهائي لهذه الأزمة.  

 
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.