اوباما و بوتين...والمنافسة الدولية مستمرة ...

اوباما و بوتين...والمنافسة الدولية مستمرة ...
مصطفى الطوسة


القارئ لديناميكية التحركات الدبلوماسية الدولية لا يمكن له أن يتجاهل ظاهرة ملفتة للانتباه ...وهي أن زعيما القوتين البارزتين على الساحة الدبلوماسية الدولية يقومان بأنشطة و خيارات متوازية تدعو الى المقارنة العفوية في إطار تنافس دولي بارد و حراك سياسي نشيط ...الرجلان هما باراك أوباما و فلاديمير بوتين اللذان ينشطان حاليا على أكثر من جبهة لإنعاشها و محاولة إيجاد حلول لأزماتها ...نبدأ بباراك اوباما الذي ينزل حاليا بكل ثقله السياسي لكي يتوصل إلى تفاهم تاريخي مع الإيرانيين في ملفهم النووي الملتهب .. اوباما جعل من هذا الاختراق تحديا شخصيا سيقدمه كأبرز إنجاز دبلوماسي حققه خلال ولايتيه في البيت الأبيض ...اوباما يريد هذا الاتفاق بقوة و حماس جعلته يتجاهل مخاوف حلفائه التقليديين في المنطقة كإسرائيل و دول الخليج السنية التي تعيب على الإدارة الأمريكية انها تهرول للتوصل الى اتفاق مع القيادة الإيرانية على حساب ضرورياتها الأمنية ..أما الملف الثاني الذي يشغل القرار الدبلوماسي الأمريكي يتمثل في  المصالحة التاريخية التي دشنها اوباما مع كوبا في خطوة لها من الجراة السياسية ما يميزه بقوة عن أسلافه ، وقد بدأت هده المبادرة  تؤتي ثمارها  عبر لقاءات دبلوماسية بين البلدين و عودة الحرارة الى علاقاتهما عبر ذوبان تدريجي للجليد التاريخي و فتح صفحة جديد بين واشنطن و هافانا..

أما فلاديمر بوتين فتعيش روسيا  تحت قيادته انتعاشا سياسيا قويا للدور الدبلوماسي الروسي في المنطقة العربية...البوابة الروسية تحولت الى عنوان يصعب القفز عليه  .. فبالإضافة  إلى ان موسكو تحتضن هذه الأيام مؤتمرا دوليا يخصص لعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية تحولت العاصمة الروسية إلى قبلة يحج إليها زعماء العالم العربي النافذين ..وقد دشن هذه الحقبة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عندما فتح اللعبة الدبلوماسية المصرية على القيادة الروسية ... التقارب الروسي المصري كان مقدمة للتقارب السعودي الروسي الذي جسدته الزيارة الهامة التي قام بها الأسبوع الماضي إلى سان بترسبورغ ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان بن عبد العزيز..هذه الزيارة فتحت أفاقا اقتصادية و سياسية غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين موسكو و الرياض تلتها زيارة ذات توقيت سياسي مهم  لوزير الخارجية السوري وليد المعلم  ..لدرجة انه بدأ الحديث عن تكوين جبهة مشتركة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية مشاركة رباعية من كل من تركيا الاْردن سوريا و العربية السعودية...

و إذا كان كل من براك اوباما و فلاديمير بوتين ينشطان في مجال معين لإعادة الرونق لدبلوماسية بلده إلا إن الرجلين يتواجهان  بقوة و حزم على الحلبة الأوكرانية .وإذا كان منطق المواجهة العسكرية لا يزال بعيدا وغير وارد حتى ألان إلا أن المواجهة بين الرجلين عبر منطق العقوبات و الحصار الاقتصادي يدخل المنافسة بين الزعيمين في أجواء حرب باردة تذكرنا بخمسينيات القرن الماضي.
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.