محاولة فرنسية لإنعاش الحوار الفلسطيني الإسرائيلي

 محاولة فرنسية لإنعاش الحوار الفلسطيني الإسرائيلي
مصطفى الطوسة

تحمل الجولة الشرق أوسطية التي يقوم بها وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس عنوانا أساسيا يتمثل في مبادرة فرنسية لانعاش المفاوضات بين الاسرائليين و الفلسطينيين الذي تراوح مكانها منذ سنوات طويلة ...لوران فابيوس يحمل في حقيبته عدة أفكار تستعد فرنسا صياغتها في إطار مشروع تقترحه على الأمم المتحدة لمناقشته و المصادق عليه...من بين ابرز هذه الأفكار العودة الى طاولة المفاوضات على أساس آلية تهيئ الأرضية لتحقيق مبدأ الدوليتين على حدود الرابع من حزيران 1967 مع القدس عاصمة مشتركة لهما و تبادل للأراضي متفاهم عليه بينهما  و ذلك تحت رعاية مباشرة للاعبين دوليين مثل الجامعة العربية الاتحاد الاروبي و الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن...

حتى قبل التوجه الى الشرق الأوسط كانت فرنسا اكدت  إنها ستقترح مبادرة على الأطراف المعنية و المجموعة الدولية هدفها الأساسي التوصل التي صيغة توافقية بين الاسرائليين و الفلسطينيين مع التلويح إلى انه في غياب إي تقدم في العملية السلمية ستجد نفسها مضطرة للاعتراف بالدولة الفلسطينية ....مواقف أثارت مزيجا من الامتعاض من الجانب الإسرائيلي و ارتياحا و إعجابا من طرف الدول العربية و الفلسطينيين .  و جاءت هذه الجولة الشرق الاوسطية لتجسد روح هذه المبادرة و لتضعها على طاولة الاهتمامات الدولية ..

ويأتي هذا التحرك الفرنسي في ظرفية إقليمية و دولية نظريا غير مناسبة لأي اختراق دبلوماسي ...فرئيس الحكومة الاسرائلية بنيامين نتانياهو الذي وقف عقبة صامدة أمام اي تقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين أعيد انتخابه و شكل حكومة خطها السياسي المعلن الاستمرار في بناء المستوطنات و العداء المطلق لأي مشروع يمنح الفلسطينيين حقوقهم الوطنية ...اما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فيواجه أزمة سياسية خانقة بسبب تعثر المصالحة الوطنية بينه وبين قيادة حماس التي تحكم قبضتها على قطاع غزة ...اما الظرفية الدولية فتثمثل في التوكيل على الحرب الدولية على منظمة الدولة الإسلامية/ داعش التي أصبحت تشكل خطرا داهما على امن و استقرار العالم انطلاقا من أنشطتها الحربية من العراق و سوريا...

و بالرغم من كل هذه المعطيات التي تدعو إلى التشاؤم تصر الدبلوماسية الفرنسية على تسويق مبادرتها انطلاقا من عدة عناصر و قناعات ترى فيها فرنسا بصيصا من الأمل قد يغير المعادلة الإقليمية  التقليدية المشلولة . من بين أهم هذه العناصر الإحساس الذي تولد لدى القيادة الفرنسية بأن الولايات المتحدة، الممتعضة من خيارات القيادة الإسرائيلية المحرجة لها  و تحديها المستمر في بناء المستوطنات   قد تغير سياسة لجوئها المنتظم الى الفيتو للدفاع عن مصالح إسرائيل في المحافل الدولية...و ترى الدبلوماسية الفرنسية في احتمال وقوع هدا المنعطف مناسبة ثمينة يجب استغلالها .. أما العنصر الثاني الذي يشجع فرنسا على الاهتمام عن كثب بالملف الإسرائيلي الفلسطيني الجامد و محاولة إنعاشه فتكمن في العلاقات الجيدة التي يقيمها حاليا فرنسا مع ابرز الفاعلين العرب انطلاقا من القيادة المصرية بزعامة عبد الفتاح السيسي مرورا بالدول الخليجية بزعامة العربية السعودية و الذي يجعل من فرنسا لاعبا دبلوماسيا مرحب به و كلمتها مسموعة.         

 


  
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.