اوباما يصالح كوبا



جاء الإعلان عن  عزم الرئيس الأمريكي اعادة العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأمريكية و كوبا بمثابة قنبلة إعلامية و سياسية فاجأت الجميع لما تحمله من قطيعة مع الماضي  حيث اعتبرها المراقبون  منعطفا حادا لسيرورة الأحداث ..فبعد أكثر من نصف قرن  من الحرب الباردة بين الولايات المتحدة و النظام الكوبي هاهي  رياح المصالحة تهب على هده المنطقة حيث عاش الشعب الكوبي محاصرا اقتصاديا و سياسيا حيث كانت الإدارة الأمريكية تتخوف من ان ينتشر الفكر الشيوعي في أمريكا اللاتينية انطلاقا من كوبا...و كان نظام فيديل كاسترو يعتبر الولايات المتحدة بمثابة  الشيطان الأكبر الذي يستغل الشعوب لخدمة مصالح رأس المال العالمي ...

منذ مجيئه إلى البيت الأبيض لم يظهر الرئيس اوباما عداوة  اتجاه النظام الكوبي خصوصا و أن وصوله إلى سدة الحكم في واشنطن تزامن مع أفول نجم فيديل كاسترو الذي أنهكه المرض و أرغمه على إخلاء سبيل السلطة إلى صالح أخيه راؤول ..بل بالعكس كل المؤشرات التي صدرت عن اوباما كانت و تهيئ الأجواء لهذا الانفراج في العلاقات بين البلدين .. فبعد تصريحه الشهير عام إلفين و ثمانية بان الوقت حان لبلورة إستراتيجية جديد اتجاه كوبا  ، كان أقوى مؤشر لهذه الظاهرة المصافحة التي جرت بين الرئيس اوباما و راؤول كاسترو خلال حفل تأبين الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا...


و تقول معظم التقارير الإعلامية التي تناولت هذا الموضوع بان بابا الفاتيكان فرانسوا نزل بكل ثقله السياسي و المعنوي لإقناع اوباما باتخاذ هذه الخطوة الجريئة التي ستغير ملامح المنطقة و تخرجها من توثر تاريخي جعل أمنها و استقرارها على حافة الانفجار و حول كوبا الى حلبة صراع بارد بين موسكو واشنطن ..و قد وقعت معالم هذه الوساطة خلال اللقاء الذي جمع اوباما بالبابا في آذار مارس الماضي   ...الا ان هذه الخطوة بالرغم من أهميتها الإستراتيجية لا تزال محفوفة بمخاطر عدة و ذلك على الصعيدين الامريكي و الكوبي

أمريكيا اولا ...ففور الإعلان عن هذه الخطوة جند الجمهوريون المعارضون للرئيس اوباما صفوفهم ووجهوا انتقادات لاذعة للإدارة الأمريكية ووعدوا بمحاربة هذا الخيار الدبلوماسي و كان لهذا الموقف صدى كبيرا خصوصا ان الجمهوريين يستولون على الكونجرس الأمريكي و ارغموا اوباما على نوع من التعايش السياسي...اما على المستوى الكوبي فستفرض هذه الخطوة ثورة ثقافية على نظام الحكم في هافانا الذي لطالما علل غياب الممارسات الديمقراطية و الخطط التنموية و الانفتاح السياسي بالحصار المطبق الذي تضربه الولايات المتحدة على كوبا ...فمع سقوط هذا الحصار تسقط أيضا حجة الانغلاق و التقوقع
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.