ساركوزي و فيون ...حرب الإخوة الأعداء

فجرت صحيفة لوموند الفرنسية فضيحة سياسية من العيار الثقيل عندما كشفت ان لديها تسجيلات تؤكد ان فرانسوا فيون طلب من قصر الاليزي تسريع التحقيق بالقضايا التي يلاحق فيها نيكولا ساركوزي قصد اضعافه و قطع الطريق عليه من العودة الى المشهد السياسي الفرنسي و توجيه ضربة الى مصداقيته...و بالرغم من ان فرانسوا فيون الذي كان تبوأ منصب رئيس الحكومة خلال ولاية الرئيس نيكولا ساركوزي سارع الى نفي هذه الأخبار و هدد بملاحقة قضائية ضد الصحيفة التي نشرتها الا ان هذه الفضيحة الإعلامية تكشف حجم الخلافات السياسية بين اقطاب اليمين و هو يحاول تنظيم صفوفه لخوض المعارك الانتخابية المقبلة ....

بعد هزيمة اليمين في الانتخابات الرئاسية ظهر الى الوجود خلاف ظل باطنيا لمدة سنوات طويلة بين نيكولا ساركوزي و فرانسوا فيون..حاول الرجلان ان يعطيا الانطباع ان تفاهما سياسيا قويا يربطهما... ما دفع بالرئيس ساركوزي ان يحتفظ بفرانسوا فيون في رئاسة الحكومة لمدة خمس سنوات وهي مدة الولاية التي قضاه في قصرالاليزي ...

صحيح ان ساركوزي كان وصف فرانسوا فيون بالمتعاون في كلام اعتبر احتقارا له و تقليلا من شانه ..لكن حتى في عز الخلاف بين الرجلين ...طغت على علاقتهما سمة التفاهم الذي يسود بين راكبي السفينة و هي تواجه العواصف الخارجية ... لكن فور تواجدهما في المعارضة انقلبت المعادلة و كشف عن كنه الحرب الطاحنة التي كانت تدور رحاها في اروقة الحكم و عن عمق الخلافات بينهما .. فرانسوا فيون حمل نيكولا ساركوزي مسئولية فشل اليمين في الحكم عندما اختار الركض وراء اليمين المتطرف ..اما نيكولا ساركوزي فاعتبر ان ارتكب خطا قاتلا عندما امتنع عن تغيير رئيس الحكومة في الوقت الذي كان الفرنسيون في حاجة الى نفس جديد ....

فكيفما كانت تداعيات هده الأزمة الجديدة بين الرجلين فإنها ستترك اثرا سلبيا على اجواء عائلة اليمين التي تبحث حاليا عن قيادة جديدة تحل محل تلك التي عصفت بها رياح الفضائح و قضايا الفساد ... يشار الى انه و فور انفجار هذه الفضيحة توجهت اصابه الاتهام الى قصر الاليزي و شخص الرئيس فرانسوا هولاند الذي اتهم من طرف البعض بالعبث في قضايا اليمين لاشعال نار الفتنة بين أقطابه و أضعاف قدرته على مواجهة الاستحقاقات المقبلة..

و في اول تعليق له على هذه القضية اعتبر فرانسوا فيون ان هذه الأحداث هي بمثابة محاولة لزعزعة اليمين و مؤامرة ضده ..في حين يعتبر البعض ان هذه الفضائح تصب في مصلحة الليمين المتطرف بزعامة مارين لوبين التي تستعد قطف ثمار انهيار مصداقية اليسار الحاكم و اليمين المعارض ... ولعل مثل هده القضية تضفي اجواء مسمومة بين الأحزاب الاساسية التقليدية التي بدأت حسب مختلف الدراسات تفقد روابطها الاساسية مع الشارع السياسي الفرنسي و تفتح الأبواب على مصراعيها لصعود التطرّف و فرض نفسه كبديل مستقبلي لها.
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.