فرنسا و مبدأ الاعتراف بالدولة الفلسطينية

موجة الاعترافات بالدولة الفلسطينية وصلت الى الرصيف الفرنسي ...فبعد بريطانيا و قرار برلمانها الرمزي و بعد السويد و اعترافها الرسمي بالدولة الفلسطينية و قبل اسبانيا التي تنوي تبني هذه الخطوة... ها هي فرنسا اليوم في خضم الجدل حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية ...

جاء ذلك عبر مطلب تقدمت به مجموعة نواب من الخضر و جبهة اليسار في مجلس الشيوخ بان يصوت البرلمان الفرنسي في اقرب وقت على مشروع قرار يعترف بالدولة الفلسطينية .. احدى نائبات الخضر في مجلس الشيوخ الفرنسي السيدة أستير بن باسا بلورت مشروع هذا القرار و قدمته الى مجلس الشيوخ ... كان متوقعا الا تبقى فرنسا بعيدة عن اشكالية الاعتراف بالدولة الفلسطينية هي التي كانت دائما ديبلوماسيتها تنشط بكثافة من اجل إبراز القضية الفلسطينية في المحافل الدولية ...صحيح انها لم تقم بالأدوار الطلائعية في هذا الموضوع ...

هذا التردد الفرنسي يعزوه البعض لسببين أساسيين الاول انه بحسب المتتبعين للشان الدبلوماسي الفرنسي لم تنضج بعد الأوضاع الدولية و الإقليمية من اجل المضي قدما في هذا المشروع الذي تجاوز عدة خطوط حمراء فرضتها المعادلة السياسية الإقليمية .و السبب الثاني ان هناك قناعة لدى صانعي القرار الدبلوماسي الفرنسي انه لا فائدة من محاولة لي ذراع الأطراف المعنية بهذا الصراع سواء تعلق الامر بالإسرائيليين او الفلسطينين وان الحل النهائي يجب ان يكون توافقيا و نتيجة تفاهم سياسي ....

الا ان موجة الاعترافات الدولية و التي كان للنواب البريطانيين الدور في احداث هزة إعلامية و دبلوماسية عبر العالم خلقت معادلة جديدة تفرض على الدبلوماسية الفرنسية التكيف معها...و قد تجسدت هذه المؤشرات في القاهرة بمناسبة انعقاد مؤتمر اعادة إعمار غزة حيث اثار تصريح لوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيو الانتباه حيت قرأ فيه البعض بوادر منعطف دبلوماسي عندما قال بالحرف ان الحل هو إقامة دولة فلسطينية ديموقراطية ذات سياسية تعيش بسلام الى جانب اسرائيل على أساس حدود ال ٦٧ و القدس عاصمة للدولتين .. حل الدولتين مهدد ميدانيا بسياسة الاستيطان .و امام هذا الخطر يجدر بِنَا ان نعترف بالدولة الفلسطينية.

كلام لوران فابيوس هذا اخذه المدافعون عن فكرة الاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية على محمل الجد و استشهدوا به لكي يبرهنوا على ضرورة الانخراط في هده المعركة الدبلوماسية .. و لا شك ان الجبهة السياسية التي ستفتحها هذه الخطوة ستشعل جدلا سياسيا مفعما بين المدافعين عن هذه الفكرة التي تفرض على اسرائيل واقعا دوليا جديدا قد يرغمها على اتخاذ الخطوات الضرورية للتعايش مع الفلسطينين و بين المناهضين لهذه الفكرة و الذين يعتبرون ان هذه السياسية لا تخدم فكرة السلام بقدر ما تدفع الحكومة الإسرائيلية الى زاوية الرفض و الانكماش...

معركة الاعتراف بالدولة الفلسطينية ستكون العنوان الأساسي ل الدبلوماسي الفرنسي للحقبة المقبلة ..جدل تقوده حركة الخضر و اليسار المتطرف ستكون له انعكاسات مباشرة على الأداء الدبلوماسي الفرنسي ... في انتظار ان تعبر باقي الأحزاب الاساسية الفرنسية اليمينية في المعارضة او اليسارية الحاكمة عن مواقفها اتجاه هذه الاشكالية...
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.