ايران و تركيا و لعبة الموت حول داعش

في فن السياسية كما في استراتيجية الحرب ...الوقت لاعب أساسي يحدد معالم النجاح و يرسم المعادلات ...في حربها ضد داعش تجد المجموعة الدولية بقيادة عسكرية أمريكية و فرنسية و بمشاركة عربية خجولة امام تحديات تضع مصداقيتها على المحك...فسياسة القصف الجوي لمعاقل داعش في العراق و في سوريا لم تتمخض عن نتائج حاسمة تضع حدا للتهديد الإرهابي الذي يشكله داعش وبات من البديهي ان هذه الخيارات العسكرية سيتطيل امد الحرب عوض استئصال التهديد الإرهابي كما توحي الحاجة الدولية بذلك لكن الواضح ان هذه الاستراتيجية ليست وحدها المسئوولة عن هذا الاخفاق المرحلي...

هناك قناعة لدى المتتبعين لقضايا المنطقة بان الاجندات الإقليمية المتقاطعة لبعض اللاعبين الاساسيين هي التي تشل فاعلية الحرب على تنظيم داعش ...هذه القوى الإقليمية مع تضارب مصالحها تساهم في الفشل في صياغة مقاربة تقضي نهائيا على تنظيم داعش و في هذا الإطار برز الى السطح دور تركيا و ايران ... فسلطات انقرة عبرت منذ بداية هذه الازمة عن تحفظها من الانخراط في عملية عسكرية ضد داعش ...و قد اثار هذا التحفظ تساؤلات كثيرة خصوصا و ان علاقات استراتيجية و حميمية تربط تركيا بالولايات المتحدة داخل المنظومة الأطلسية .. و قد بذلت واشنطن جهودا كبيرة لاقناع الطيب اردوكان في المشاركة في الحرب على تنظيم داعش ...

و قد اصبح التحفظ التركي مصدر تساؤلات ذهب البعض الى الحديث عن امكانية وجود  علاقات مشبوه بين انقرة و قيادة داعش مثل تلك العلاقات التي كانت تربط المخابرات الباكستانية بالعقول المدبرة لحركة طالبان ... في حين عزى البعض هذا الخجل التركي الى مصلحة الأتراك في ان لا يصعد الى الواجهة العامل الكردي و اجندته الاستقلالية الذي تعتبره تركيا بمثابة تهديدا حيويا لمصالحها ... البلد الثاني الذي يعقد المقاربة الأمنية الغربية هو ايران ...فإيران تدفع بكل ما ملكت ايمانها الى الحرب الاستئصالية على داعش انطلاقا من العلاقة التنافسية القاتلة بين الشيعة و السنة في المنطقة و قد جندت نفوذها على الحكومة العراقية في بغداد و سيطرتها على الميدان العراقي لتحقيق هذه الأهداف . و تشترط ايران مقابل الانخراط الشامل في هذه الحرب الا يتم المساس بحليفها الإقليمي بشار الاسد و القوى اللبنانية التي تدور في فلكه مثل حزب الله ...

هذا الواقع ترفضه بقوة الدول الخليجية السنية بزعامة العربية السعودية التي تنظر بخيبة أمل كبيرة الى استمرارية النظام السوري في دمشق مستغلا الحرب الدولية على داعش ...بالاضافة الى رفضها بان تستغل ايران هذه الحرب لتلميع صورتها في الغرب و تخفيف حدة الضغوط التي تمارسها المجموعة الدولية عليها لمنعها من الحصول عى التكنلوجية النووية ذات الأهداف العسكرية .. تقاطع المصالح و تضارب الاجندات يجعل من الحرب على تنظيم داعش حتى الان حراكا اعلاميا و سياسيا اكثر منه واقع أمني باستراتيجية واضحة المعالم .و قد يستغل تنظيم الدولة الاسلامية الإرهابي هذا الوضع الذي يمنع من نشر قوات برية على الارض لتقوية نفوذه على المناطق التي يسيطر عليها وقدرته على استقطاب الجهاديين من مختلف اقطاب العالم و إنعاش صفوفه استعدادا لحرب طويلة النفس .
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.