مظاهرات للجميع ...الرهان الشعبوي لليمين و اليمين المتطرف

"مظاهرات للجميع" هي الترجمة غير الدقيقة لحركة اجتماعية إطلقت في فرنسا عندما قرر اليسار الحاكم تمرير قانون يسمح لمثليي الجنس بالتمتع بحق الزواج و كان هذا القانون الذي سال حبرا كثيفا و تسبب في زوبعة سياسية لم يعش مثلها المشهد السياسي الفرنسي منذ زمن طويل يحمل العنوان الرمزي " الزواج للجميع" ...و لمحاربة هذا القانون نزلت الى الشارع السياسي الفرنسي عدة فعاليات جمعوية تندد بهذا القانون و تتهم اليسار الحاكم بمحاولة كسر البنية الاجتماعية و تفتيت مفهوم الاسرة .

وفي غياب معارضة يمينية تقليدية كانت منشغلة في البحث عن قائد يجسد طموحاتها بعد هزيمة نيكولا ساركوزي في الانتخابات الرئاسية استحوذت حركة مظاهرات للجميع على الشعلة الاحتجاجية للمجتمع الفرنسي و توالت التظاهرات بطريقة منتظمة و ارتفعت حدة لهجتها قي بعض الأحيان أرغمت الحكومة الفرنسية على التدخل و استعمال القوة لتفريق هذه الاحتجاجات الصاخبة. بقيت هذه الحركة على حالها لأسابيع طويلة و خفت صوتها لمدة ولد القناعة لدى المتتبعين ان هذه الحركة انطفأ لهيبها ...

عودتها الى واجهة الاحداث تكذب هذه التخمينات ...و كدليل إضافي الى ان الحكومة الفرنسية تاخد على محمل الجد هذه الحركة الاحتجاجية استغل مانويل فالس هذه الظرفية لإعلان رسميا ان حكومته تعارض بشكل قوي نظرية ما يمكن ان نسميه " بالرحم البديل" في إشارة الى ظاهرة الأمهات اللواتي تؤجرن أرحامهن ...و كانت حركة مظاهرات للجميع جعلت من هذه الاشكالية خطا احمر لتعبئة صفوفها و تجنيد مناضليها... و يعتبر اعلان مانويل فالس بان حكومته ستقف سدا منيعا ضد تطور هذه الظاهرة محاولة لتنفيس هذه الاحذية الاحتجاجية و إفراغها من مضمونها الغاضب ...

توقيت هذه التظاهرة اليوم يمنحها زخما كبيرا فحلم هذه الحركة ان تكون نواة لتجربة سياسية تشبه حركة احزاب الشاي الامريكية الشعبوية و التي خرجت من صلب الإطار الجمهوري التقليدي لتشكل ابرز رموز المعارضة السياسية للديموقراطيين ...اليمين الفرنسي ينظر الى هذه الحركة و تشعباتها كوسيلة لممارسة ضغط إضافي على الحكومة الاشتراكية و قد تشكل المواضيع الاجتماعية فرصة لاضعاف مصداقية الثنائي فرانسوا هولاند و مانويل فالس لدى الرأي العام الفرنسي خصوصا و ان انتقاذات اليمين على مستوى السياسية الاقتصادية فقدت الكثير من وهجها بعد ان تبني قصر الاليزي سياسية ميثاق المسئولية الذي يعتبره عدد كبير من المراقبين ان ابعاده الرامية الى ارساء سياسية تقشف واضحة المعالم تدخل في إطار المقاربات الاقتصادية المفضلة عند اليمين الفرنسي ...
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.