عزلة حماس الكبرى

تساؤلات عديدة تخيم على الأوساط المتتبعة للهجوم الاسرائيلي المتواصل على قطاع غزة و الذي سقط حتى الان ضحيته مدنيون فلسطينييون بالعشرات و جرحى بالآلاف...كيف يمكن شرح موقف المجموعة الدولية الباهت و الصامت للجوار العربي بالمقارنة مع ماعرف عن التعبئة الدولية في الماضي القريب عندما قامت اسرائيل بحربيها ضد قطاع غزة الرصاص المصبوب و عامود الدخان ...

تعبئة سياسية و إعلامية توجت بعمل دبلوماسي عبر عن تضامن فعلي مع المحنة الأمنية التي مر بها القطاع ... اليوم هناك انطباع بان هذا الهجوم يمر في ظروف مختلفة تماماً اتخذت في الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة و فرنسا موافق لا ترقى الى حجم المأساة التي يعيشها الغزّاويون تحت القصف الاسرائيلي المستمر . و من بين الأسباب التي يمكن ان تقف وراء هذه المواقف العربية و الدولية الباهتة المعادلة السياسية الجديدة التي تعيشها حركة حماس في علاقاتها مع قوى الإقليم و التي تغييرت بسبب موجة الربيع العربي الجارفة و صعود حركات متشددة تهدف الى تغيير ملامح المنطقة مثل ما يجري في سوريا و العراق مع داعش و جبهة النصرة ....

هناك قناعة قوية بان حركة حماس فقدت دعما ثمينا في العلاقات التي كانت تقيمها مع قوى الإقليم .و يمكن ان نلخص هذه المعادلة على مستويين هامين كان لهما الأثير القوي على طريقة التعبير عن الدعم و التضامن.الموقف الاول الذي استقطب الاهتمام هو الموقف المصري و على خلفيته الموقف السعودي ..فمعروف ان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنى مقاربته السياسية على محاربة حركة الاخوان المسلميين في مصر بعد ان وضعهم في خانة الجماعات الارهابية و سجن قياداتهم و فكك تنظيمهم..الرئيس المصري يعتبر حركة حماس بمثابة ذراع للإخوان المسلميين ينشط في غزة و يشكل على المدى القريب عائقا لسياسته الاستئصالية ضد الاخوان العدو البنيوي لنظام السيسي ....و قد نجد المقربة نفسها لدى الحكام السعوديين الذي ن وضعوا حركة الاخوان المدعومة سياسيا و ماليا من طرف المنافسة قطر على لائحة المجمعات السياسية المنبوذة .

الموقف الثاني نجد ابعاده في علاقات حركة حماس مع تداعيات الازمة السورية فبعد سنوات طويلة احتضن فيها نظام بشار الاسد قيادات حركة حماس و دعمها سياسيا و عسكريا اختارت الحركة ان تساند المعارضة السورية و ابرز موقف في هذا الصدد عبر عن رئيس الحكومية الحمساوية اسماعيل هنية عندما قال في تصريحه الشهير انه يحيي الشعب السوري التواق الى الحرية و الديموقراطية و الإصلاح...هذا الموقف ساهم في تعقيد علاقات حماس مع عرابيها التقليدين الموجودين في دمشق و طهران ...

و مما لاشك فيه ان اسرائيل تأخذ بعين الاعتبار هذه العزلة السياسية التي تمر بها حركة حماس لكي تنفد مخططها القاضي بأضعاف الحركة و لعل الانخراط العسكري الاسرائيلي المبالغ فيه ضد قطاع غزة و التحدي المعلن للمجموعة الدولية منبعه ان رئيس الوزراء بنامين نتانياهو يتبع و يطبق نصائح يمينه المتطرف الذي نصحه باستغلال هذه النافدة للقضاء نهائيا على حركة حماس.
Comments or opinions expressed on this blog are those of the individual contributors only, and do not necessarily represent the views of FRANCE 24. The content on this blog is provided on an "as-is" basis. FRANCE 24 is not liable for any damages whatsoever arising out of the content or use of this blog.
0 Comments

Post new comment

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.
  • No HTML tags allowed

More information about formatting options

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.